(قصة قصيرة)
في كل مرة يأخذ بنفسه إلي البحر الكبير في مدينتهم ليتخلص من نفسه، يجد صعوبة في ذلك وكل مرة يعود ويؤجل الإنتحار من شدة زحام الناس قرب البحرعلى ذلك الشاطئ الرملي الممتد بطول الساحل، ولكن ظل يمشي على هذا الشاطئ حتى تختفي الناس من أمامه ثم يرمي بنفسه في الماء ويستسلم للأمواج لكي لا أحد يراه حتى ينقذه، ظل يمشي شارد الزهن يرقب الناس المبتسمة بسعادة على هذا الشاطئ وفي الطريق إرتطم بشمسية رجل عجوز ينام على الشاطئ مستلقياً على ظهره ووجهه للبحر إنفزع العجوز من نومه ليجد شاب منكباً على وجهه على الرمل بجواره، نظر إليه ماذا بك يا عزيزي، قال له أسف يا عمي، رد عليه قائلا لا عليك ولكن ماذا بك أرى في وجهك حزناً كبيراً وعيناك يبدو أنها لا تقارب النوم منذ زمن، قال له نعم فأنا متعب جداً ، قال له هل لك أن تقص عليّ ما بك ، قال لا أريد أن أُثقل عليك فأنت لا تعرفني حتى تشغل بالك بأمثالي فهم كُثر دون فائدة، قال له لا تقل هذا على نفسك، فإذا لم تقدر نفسك لا يقدرك الآخرون ولن تنجح ما دمت لا تثق بقدراتك، قال يا عمي أنا جئت هنا لأتخلص من حياتي بعد محاولات كثيرة فشلت أن أنجح في هذه الحياة، قال له مبتسماً سبحان الله أأنت جئت إلى هنا منتحراً، قال له نعم ، قال له الحمد الله الذي لم تفعل ذلك وتعرفت عليك قبل أن تعجل بحياتك، ثم قاموا هما الإثنان ووضع العجوز يده على كتف هذا الشاب وقال له هل ترى كل هذه الناس على هذا الشاطئ ، قال له نعم ، قال هل تظن أنهم سعداء ، قال أظن ذلك ، قال أنت تراهم هكذا ولكنهم ليسوا سعداء أو ليس لديهم مشاكل كما تظن، لكل واحد منهم يحمل هماً ولكن لا يظهره هنا جاؤوا هنا ليستمتعوا ويخففوا عن أنفسهم ولو قليلاً، ولكن كل واحد منهم قد يكون بلواه أكبر من بلواك وأنت لا تدري، ظل يمشي معه وعلى يمينهم البحر وقليلا قليلاً تختفي الناس من حولهم يتجهون إلى المنطقة الهادية من الشاطئ، ثم قال له هل ترى هذه الصخرة الكبيرة الملقاه على حافة المياه، قال له نعم، قال هذه الصخرة أنا أشاهدها منذ أكثر من أربعين عاماً أنظر إليها ستجدها أصبحت مفتته إلى أربع صخور كبيرة غير الصخور الصغيرة المتهالكة منها الملقاه أسفلها، قبل أربعين عاماً كانت صخرة واحدة كبيرة غير مفتته ماذا حدث لها هو موج البحر ظل يضرب فيها بمياهه الغزيرة حتى تفتت والعبرة يا إبني أن لابد أن يكون لك في الحياة هدف تسعى إليه بكل قوة ولا تيأس مهما ضربك موج البحر، فكر دائماً أن المحاولة والتكرر كان كفيلاً بتفتيت صخرة صلبة جرانيتية ملقاه على البحر فتعلم أنت من الموج أن التكرار والمحاولة ستفتح لك الأقفال وتفتت لك الصخر، تخدر الشاب من كلام العجوز الذي قارب السبعين من عمره وبدأ يدب الأمل في قلبه متحمساً لحديث العجوز، ثم قال له العجوز يا بُني أن أغلب الشباب اليوم تائهون في هذه الحياة لسبب واحد فقط أنهم ليس لديهم هدف يعملون من أجله دون صبر، فليس من فراغ يا بني أن يكون الصبر نصف الإيمان ولن يستوي أبداً الذين يعملون والذين لا يعملون، أجعل لنفسك هدفاً لا تشتت نفسك بين التخصصات وبين المجالات المتنوعة ركز في موهبتك وشئ تحبه لكل إنسان منّا موهبة بداخله فتش أولاً عنها ثم نميها وكبرها وأسعى بكل قوة نحو هدفك ستجد صعوبات كثيرة لا تيأس حاول وقاوم ولا تلتفت خلفك وأنت تمشي في طريقك، وأعلم أن من صدق العزم وجد السبيل، فأصدق مع الله يعينك الله، سمع هذا الشاب الكلام من العجوز ثم قبل رأسه ويده وتركه ضارباً في الارض عن السبيل
مؤمن محمد صلاح
https://www.facebook.com/pro.momenms