بين الحب الحقيقي والوهمي "رجفة"!
نشر في 11 يناير 2017 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
قاطعني _وأنا منهمك في الحديث_ قائلًا: البس معطفك لأنك ترتجف، فاعتذرت وتعللت بأن الجو بارد اليوم، فضحك بصوت عالٍ ساخرًا وقال: ليس هذا سبب ارتجافك فقط، ولكنني سمعتُ مرة أنك عندما تخبر صديقك المقرب عن وقوعك في الحب فإنك تكون معرضًا للإصابة بالبرد،
لم يتعجب صديقي عندما رآني مبتلًا وديعًا أتحدث بصوت متهدج ولكنني تعجبت، فقد اجتزت مرحلة "ارتجاف الصوت" في الكلام منذ أول مرة تحدثت أمام حشد من على منصة أو منبر، ارتجفت قبل ذلك من البرد، وارتجفت من الخوف، لكنني لم أرتجف أبدًا من الحب!
لعلها رجفةً كرجفة المريض الذي أفاق توًا من غيبوبة طويلة، فارتجف مستفيقًا ليصرخ من حوله "إنه ما زال حيًا"، أو لعلها كأمطار نزلت على أرض بوار، فاهتزت وربت، وأزهرت وأثمرت، أو تكون كجهاز كهربي سرَى فيه التيار بعد تعطل فتحرك من جديد،
ونحن كتلك الأجهزة نتحرك بطاقة، وطاقتنا هي الحب الذي يحيينا ويحركنا ويدفعنا ويضيف لحياتنا معنى وقيمة، فإن نفد لا نتوقف عن الحياة، لكنها تكون حياة دون روح، وحركة دون حماس، وكلام دون معنى، وشعلة منطفئة دون حرارة ولا ضياء،
أحسست بتلك الرجفة تسير في أوصالي تدق طبول الحب، وتعلن انقضاء عهد وبدء عهد، وتجرف آثار وركام الخراب في قلبي، وتلون الحوائط الكئيبة بألوان زاهية، وتعلق المصابيح في الأماكن المظلمة،
كنت أسأل نفسي دائمًا عن الفرق بين الحب الحقيقي والمتوهم، ولم أنتبه أن سؤالي هو أول دليل على أنني لم أعثر على الحب الحقيقي بعد، وأن الشعور بالحب يذهل عن الاستفسار، ويعظم على التخفي والاستتار، ويجعل الحكيم خفيفًا، والحليم عجولًا، والخجول جريئًا، لا أعلم معيارًا محددًا وحدًا فاصلًا يميز الحب الحقيقي، ولكن قلبك سيخبرك بيقين لا تردد فيه، وسيظهر وهج الحب ولن يستطيع رداء الحياء أن يخفيه، وعندما يحل بروحك فتشعر بتلك الرجفة في كيانك والقشعريرة في أطرافك، ستعرفه وتعانقه بعد غياب، وتعترف أنك _أخيرًا_ أحببت!
-
عبد الله نجيبخريج أصول الدين - جامعة الأزهر .. طالب ماجستير في الفلسفة الإسلامية - جامعة القاهرة