أفاق من همّه على صوت غمّه ,فرأى الغمّ زاده غمّ والهمّ زاده همّ .تسائل بينه وبين نفسه "أين الخلاص؟".. أطرق برأسه وإنحنى بها في هزيمة نكراء ثم همس في فحيح واضح "الخلاص هو النهاية ..وأنا لا أريدها".
قام من فوق أريكته في كسل وخمول ..أزاح كتب التنمية البشرية التي كانت تحت أقدامه .الكتب تناديه ولكنّه قد سئم هذه الحياة .
ذهب إلى مطبخه ..وأستلّ سكيناً ثم وضعه على رقبته وضعية المذبوح ..وبقيت يده في هذه الحالة .سقط السكين من يده فسقط جلوساً على الأرض وبكى كما لو أن إنسانيته ضاعت للأبد !
إستمر في هذا الوضع كثيراً من الوقت ,فالوقت يمر والزمن يمر سواء وافقنا أم لا ..كل شيء يمر ..كل شيء ..اللهم عدا غمّه وهمّه.
"من العار أن أموت جباناً"
قالها ماقتاً ذبح نفسه ,وقام وعاد إلى الأريكة كما كان في باديء الأمر ..والكتب تناديه!!
نظر لهم ..ثم مسك أحدى الكتب في إحتقار .
"الطريق إلى السعادة الحقيقية"
تركه فسقط مثلما كان ومسك كتاباً أخر .
"الإيجابية سعادتك"
وكان مصيرها مثل أختها ,ثم قام ودهس أوراق الكتب بقدمه في ثورة وغضب ..قائلاً.
"كفى خداعاً .. كفى خداعاً ..كلامكم هراء ,وها أنا قد قرأتكم من قبل فإزدادت تعاستي ..كفى كفى"
تعب من كثر الحركة ,فإرتمى على الأريكة.. متعباً.
نظر إلى التلفاز بعين شبه خاملة .
((مدرب التنمية البشرية على ساكسيس يحدثكم عن المباديء المائة لحياة سعيدة خالية من المشاكل والهمّ))
بحث بيديه وهو في وضعيته الخاملة هذه عن جهاز التحكم بجانبه ..حتى لمسه أخيراً على حافة الأريكة ,فسقطت يده ..وفاضت روحه.
والتلفاز مازال يروي حكايته التافهة .
(( تخيّل أنك سعيد ,ستكون سعيداً ))
هيثم ممتاز
-
هيثم ممتازبين الجهل والمعرفة شعرة واحدة ,وهي القراءة.
التعليقات
خاطرة رائعة سيدي
وهكذا هذه القصة ..فليس معنى أن أروي معاناة شخص يأس من حياته فلم تعد هذه الكتب تجدي معه نفعاً ,بأن تكون هذه حياتي ..وهذه أفكاري.
أنا لو كنت كتبت مقالاً بهذا ,لكان وقتهاً حقاً عليكِ أن تقولي هذا ,ولكنها مجرد قصة تروي حكايات الكثيرين.
كتب التنمية البشرية ,موجودة في كل مكتبة تقريباً ..والكثيرون يظنون كل ما فيه هو مجرد "هراء" .
أنا لا أتبع هذا الرأي ..فمعنى أنني أطور من قدراتي فهذه تنمية "بشرية" .
ولكن الناس هي من تفهم توجيهاتها بشكل خاطيء ,وهذا البائس - بطل قصتي - منهم
تحياتي.