كثيرا ما نمر بفترات مسممة بمشاعرالخوف ،الشك والضياع أين نضرب اخماسا في اسداس، نجهل الحقيقة من الكذب و نضيع بين الواقع و الوهم، نؤمن بالحاسة السادسة لكن نخشى الجزم بصدقها. فجأة! تمنحنا أقدار الحياةجرعات طمأنينة تظفي للقلب راحةو للروح سكينة "و لو لفترة قصيرة".
حين قرأت كتاب "لأنك الله" منحت جرعة حتى قبل أن أبداه! فقد علقت عيناي على أول صفحاته أين ترك الكاتب اهداءا صغيرا لوالدته. نعم إنه ذلك الاهداءالقصير.. بضع أسطر جعلتني أفكر كتيرا و اطمئن أكثر.
"قد رآك" هذه العبارة التي ارعبت "علي الفيفي" لم ترعبني بقدر ما اخمدت الكثير بداخلي. لم تكن شيئا اجهله بل كانت أقرب إلى حقيقة غفلت عنها بينما كنت أخوض بداخلي معاركا اجهل إن كنت القاتل بها ام المقتول، الحقيقة الوحيدة و الأكيدة أني كنت أتألم و بشدة.
كل ذلك الصراع كان وليد تضارب شكوك كنت أجزم انها أقرب إلى الحقيقة منها إلى الأوهام لكن في غياب براهين و أدلة تبقى الشكوك شكوكا و تظل الحاسة السادسة في قفص الاتهام. لكن فكرة أن الله يرى الجميع و يدرك الحقائق اراحتني كثيراً. جلست مطولا افكر في الموضوع؛ إن اكتشفت أن شكوكي حقيقة فما بيدي لافعله؟ أوليس أول شيء أفعله أن اركض إلى خالقي، ملجئي الأول و الأخير لأبث له همي و حزني و أسأله أن ينجيني مما أنا فيه؟ فلما استعجل اكتشاف حقيقة يعلمها الله قبلي و سيدبرها بما فيه خير لي سواء سألت أم لم أفعل. أين ما يمكنني فعله أمام عدالة الله؟ هل سأحاسب الآخرين كما سيفعل؟ اسيكون انتقامي أشد من انتقامه؟ اسأصلح الأمور بقدر ما سيفعل؟ لا! إذن ما جدواي أنا أمام عدله وقوتي امام قدرته. ماذا يفيدني ذلك المد و الجزر بداخلي، ماذا يفيدني الندم على برائتي الضائعة و سجاذتي المتكررة؟ و فيما ينفعني القلق على ما هو آت؟ ما جدوى العد و الحساب، ووضع الخطط و الحيل، كلها إرهاق للقلب و ضغط للاعصاب و خيبة للنفس و ألم للروح و انهاك للجسد لذلك فكرت ان ادع الخلق للخالق و لو لبرهه لأرتاح و لو قليلا.
قلبت صفحة الاهداء و قلبت معها الكثير من الهم الذي كان يثقل كاهلي. شعرت اني أخف وزنا، أكثر جرأة ، أشد ثقة، أقرب إلى الله و أسعد بكثير.
هاته لم تكن ترياقا لحل مشاكلي لكن كانت جرعة طمأنينة حلت بقلبي و عساها تحل بقلب كل امرىء تتضارب مشاعر الخيبة و الأمل بداخله. اسكنوا قلوبكم، فحزينة البارحة صارعت لتكون راضية اليوم و تسعى لتصبح سعيدة الغد فدقوا على قلوبكم وافعلوا مثلها.
-
سراب عابرwriter