الخمسون .. كما رآها العقاد - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الخمسون .. كما رآها العقاد

  نشر في 18 مارس 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

 الخمسون ..شيخوخة الشباب ولكنها شباب الشيخوخة.. فذو الخمسين..هو شاب بين الذين بلغوا السبعين أو الثمانين.. هكذا قال كاتبنا الراحل عباس محمود العقاد.. الذي كتب هذا الكلام وهو في عامه الخمسين.. يومها كانت رؤيته تتلخص في ان الخمسين نهاية الكسب أو التحصيل من الحياة.. ليس بعدها ما يأخذه الإنسان من الدنيا ويضيفه إلي تكوين عقله وجسمه.. ولكنه لا يزال بعدها يعطي الكثير ويفقد الكثير إيذانا بفقد كل شيء يأخذه التراب من التراب.

إذا قيل ان الثلاثين سن التحصيل.. وان الأربعين سن جمع الثروة.. فالذي يقال في الخمسين انها سن التصفية وعمل الحساب ليعرف الانسان نصيبه من الربح ونصيبه من الخسارة.

هكذا كان العقاد يري سن الخمسين حين بلغها.. وبدأ يستعد للنهاية لكن الله أطال في عمره.. وبلغ سن الستين فكتب مقالا بعنوان وحى الستين قال فيه انه ليس من عادته إحياء ذكري الميلاد أو عيد الميلاد.. لكنه وجد ان أصحابه الذين يعرفون تاريخ ميلاده كتب بعضهم في الصحف مهنئا بهذه المناسبة.. وثارت في ذهنه أسئلة كثيرة كلها تدور حول فكرة واحدة هي ان الستين نقطة تحول يكون للانسان بعدها شأن " غير شأنه قبل بلوغها.. ولا ادري كيف؟!

ولكنه يعود في نفس المقال ليقول: ان الستين لم تكن فى حياتى نقطة تحول بين عهدين أو بين عمرين ولكنني إذا نظرت إلي الفترة التي تمت بها الستون والفترة التي تمت بها الخمسون مثلا فهناك بعض الاختلاف بين الفترتين.. ومثال ذلك انني قد زادت قدرتي علي البحث والدراسة ونقصت قدرتي علي مواصلة الكتابة والقراءة.. ولكني عوضت هذا النقص بازدياد المران علي الكتابة وازدياد الخبرة بالتقاط أصعب الفوائد من أيسر القراءات.. زادت حماستي لما اعتقد من الآراء ونقصت حدتي في المخاصمة عليها لقلة المبالاة باقناع من لا يذعن للرأي والدليل.. لم تنقص رغبتي في طيبات الحياة ولكنني اكتسبت صبرا علي ترك ما لابد من تركه.. وعلما بما يفيد من السعي في تحصيل المطالب وما لا يفيد.. وارتفع عندي مقياس الجمال فما كان يعجبني قبل عشر سنين لا يعجبني الآن.. فلست اشتهي منه أكثر مما أطيق. كنت قبل عشرين سنة كما انا الآن قليل الرجاء في خير بني الإنسان.

واطال الله عمر كاتبنا الكبير حتي كتب مقاله الشهير وحي السبعين قال فيه:".. ا.

نحمد من السبعين انها تعطينا الرغبة علي قدر الطاقة وانها تعطينا الرغبة ومعها لجامها الصغير.. ونحمد منها انها تعودنا الاستغناء عما يلزم وما لا يلزم.. فليس في السبعين من ضروري لا غني عنه حتي الحياة وحتي المجد وحتي الخلود ولئن تمنيت شيئا بعد السبعين لأتمنين ان اعيش فلا اعيش عبئا.. ولا فضولا.. وان اعيش كما عشت بحمد الله علي الدوام.. احقابا واحقابا إلي الامام فيقول الناس اليوم ما كنت اقوله قبل عشرات الاعوام فذلك هو العمر الذي احتسبه سلفا واعيشه قبل حينه فلا يكلفني انتظاره إلي الختام.

ماذا لو عاش العقاد إلي الثمانين.. هل كان سيكتب وحى الثمانين ام ان الشيخوخة كانت ستمنعه من ذلك؟ هو نفسه أجاب حين سئل: وأين خرف الشيخوخة؟ بأن كثيرين قبله أجابوا: ان الذين حسبوا ان الخرف والشيخوخة حالتان متلازمتان بقية من بقايا القرون الغابرة.. لان العلم الحديث يعلم ان خرف الشيخوخة مرض من أمراض البنية وليس بعرض من اعراض الاسنان والاعمار فمن نجا من جراثيمه نجا من اعراضه.. كما ينجو من الامراض وكما ينجو من الجراثيم.

والحقيقة ان العقاد ظل لآخر لحظة في عمره يفكر ويكتب ولم يقل له أحد حتي من معارضيه انك كبرت وخرفت.. التى يقولها كثيرون الان لكبار مفكرينا لمجرد انهم اتخذوا موقفا سياسيا مختلفا عن موقفهم


  • 11

   نشر في 18 مارس 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

Nermeen Abdelaziz منذ 6 سنة
استأذنك لنشرها لاهمية ما فيها من اراء
0
محمد الشرقاوى
تحت امرك ياهانم
Nermeen Abdelaziz منذ 6 سنة
شكرا على هذة مقالة من زمان كنت اتمنى اعرف احساس من يصل لتلك الاعمار
1
Jinan منذ 7 سنة
السلام عليكم :_

أعتقد أن الخرف يكون حتى في صبا العقول
عندما يتخد ذاك العقل منحنى مائل عن حدود المنطق
بنظري أنه قد حكم على العقل بالخرف ...

تحياتي
1

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا