عرايــس ماريونيـــت !
مسرح الحياة لا يزال قائماً , إن دخلت خشبته بإرادتك فاعلم أنك البطل , وإن دخلته مسلوب الإرادة فاعلم أنك مجرد كومبارس صامت !!
نشر في 08 ماي 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
على كل شكل وهيئة ولون هي , بشرة داكنة أو شقراء أو خمرية ستجدها حتماً , طويلة وتتعدى طول أرجل طاولتك أو قصيرة لا تراها إلا بعد معاناة , شُكلت حسب ما أراد صانعها لهدف إضحاك العامة وكسب المال , على أغلى المسارح العالمية هو عرضها وكافة المستويات وإن كانت لا تحتمل دفع ثمن تذكرتها يدفعوها مُجبرين لإرضاء أطغالهم ورغبتهم الُملحة في الأستمتاع , فيدفعوا آباؤهم ويحركونهم كما يحرك صانع تلك العرائس عرائسه كما يحلو له , مرة يميناً ومرة اخرى يساراً ومرة بالسقوط ومرة بالطيران بفضل تلك الخيوط المتحكمة بينه وبين عرائسه المسكينة ..
حقاً كونها لا تدب فيها الروح ولا تدرك وتعي لما حولها , عبارة عن مجرد تجاويف فارغة وشكل خارجي فقط يتشكل على كل ما خطر على بالك يوماً أن تراه على البشر , منهم الفقير المُعدم فيكون له هيئة مُزرية من قطعة قماش لا تتعدى قطعة قماش مسند الرأس الخاص بك , أو يكون غنياً فيلبسه صاحبه قطعة قماش أكثر ترفاً وتزيناً , طفلة فتمسك بيدها قطعة حلوة من البلاستيك وفستاناً قد ألبسه صاحبها لعروس أبنته ذات الخمس سنوات واستعاره منها حتى إنقضاء العرض , والعرض ما هو إلا تقاذف بتلك العرائس في محاولة للترفية عن الأطفال وذويهم الذين جاءوا كما جاءت تلك العرائس ودخلت خشبة المسرح : بحبال تُجر !! , حبال غريزة الأمومة الحنونة التي تأبى أن ترى أبنتها حزينة لمجرد رفض حضورها لعرض عرائس فذهبت مضطرة , غريزة الأبوة المحتوية لطفلها المصاحب له ليشب على إحترام أبيه وعدم النفور منه فذهب هو الآخر حتى تظل تلك الصورة محفورة لدى الأبن ..
ولكن من يدفع ضريبة كل هذا هو عروس !! , عروس لم تدري لما جاءت لهذا العالم ولما هذه المهنة هو هدفها الوحيد ؟ ! , ألم تكن قادرة على الأبتعاد عن هذا العالم ومشاهدته عن بعد ولا تشارك فيه ؟! , وبين ليلة وضحاها إنتشلها بشري ليزينها أو يضع لها مكياج يشبة مهرج السيرك ! , ما الداعي لكل هذا ؟! ..
أتريد أن تصبح مثلها يوماً ما ؟؟ , مجرد عروسة ماريونيت تُحرك بحبال طويلة يتحكم في وجودها شخص آخر لا تعرفه ! , هل ستجد متعة فيما سيحدث لك حينها حينما تجد من يربط بحبال سيطرة وتمكن وإستغلال بمعصم يداك ولا تدري حتى معالم وجهه لتخفيه أعلاك في ظلمة الكالوس وأنت وحدك من يواجة الحياة على مسرحها !
يدفعك أينما يشاء على مسرحها لتجد نفسك لا تقوى حتى على الرفض وإعلان ثورتك على قبضته العنيفة التي تأبى أن تفلت الحبل لو للحظة ! , وجد أنك فريسة سهلة الإصطياد يمكن له أن يفعل بك ويُير حياتك مثلما أراد , لم يطلب منه أحد أن يختارك أنت بالذات ليفعل ما يفعله بك , هو فقط وجدك مصادفة في طرقات الحياة " ماشي جنب الحيط " لا تفضل أن تفرض سيطرتك على بشري مثلك أو تكن مشاعر الشر لأحد , فقط تسير بأطمئنان وبال مرتاح وضمير نقي , ولكن كان حتماً ولابد أن يلتقي بك يوماً ما ليفرض خيوطه عليك ويرى إن كنت ستخضع للأوامره المسرحية أم ستفاجئه وتلتقط هذا المقص الصغير من جيوبك الأصغر لتقص خيوطه وتهرب من مسرحه الهزيل ..
هل تدري ما هذا المقص ؟ أنه الإرادة يا سادة .. كفيل أن يصنع المعجزات بإنطباق جزئيه , فلا تتردد في حمله إحتياطياً بجيبك خلال سيرك في طريق الحياة , وإن صادفت هذا المسيطر الغريب دعه يأخذك لمسرحه ولكن لا تدعه يستمر في خضوعك له لحظة زيادة وفاجئه بهذه الأداة الساحرة وأقضي على خيوطه ودعه يبحث عن فريسة اخرى سهلة ليقتنصها بخيوطه .. فهذا الإقتناص لا يليق بك ..
والآن وبعد إنتهاء العرض يا أطفالنا الأعزاء , هل وجدتم العرض يُشبع جوعكم في اللهو أم أنه تضييع وقت ومال ؟ , احذروا , فتلك العرائس ستعود لمخزن المسرح الآن لتستريح قليلاً ولن تتمكنوا من رؤيتها مرة اخرى , فهل منكم من يريد أن يلهو معها قبل أن ترحل وتعود جثة هامدة مرة اخر ى ؟ ..
التعليقات
متميزة دائما في كتاباتك