أشعر بالامتنان لكل اللحظات التي صنعت مني ما أنا اليوم عليه. أشعر بالفخر لأنني حاربت بكل قوتي و لأنني حاربت أيضا بحب ما حاربه البعض بالعنف و التشتت. إنني فخورة بنفسي فقط. أكثر من اللحظات التي استحقيت فيها هذا الشعور لكن لا بأس. اليوم سأصفق لنفسي لأجل كل اللحظات التي حققت فيها أشياء و لو صغيرة. أصفق للفتاة التي كنتها و للمرأة التي سأصبحها و أصفق لما سأكون عليه في المستقبل أيضا. أصفق لقلبي الجميل و إحساسي الرقيق و روحي الجميلة و إبداعي المتميز. أصفق للكلمات التي أكتبها و التي تحتبس في نفسي أحيانا كثيرة و لا أزفها على الورق. أصفق لملامحي التي تبدو اليوم أكثر أنوثة من ذي قبل. أصفق لنفسي بكل حرارة و بذخ، و أقول لنفسي كل ما انتظرته أن يقال لي سنوات عديدة.
أنا أحب نفسي. أحب رمشة عيوني التي لا يلقي لها أحد بالا وقت سكوتي. أحب سكوني و الطريقة التي أمشي بها و حين أتكئ بصمت على الحائط و أسهو في خيالي. أحب لون عيوني و شعري و يداي و هذا الجسد. كم يحمل من الحب هذا الجسد. أحب الحياة التي قد صنعت لي وسط كل هذا الزحام مكانا فيه أجلس و أفكر و أستريح. أحب هذا المنظر الذي أنظر إليه الآن و أحب الشمس، أحب الغيوم. أحب حبي للحياة.
أشعر بالراحة، أشعر بالسعادة و الاطمئنان. أشعر أن كل ما فات لم يكن إلا محض تمهيد صغير لكل ما سيأتي. أشعر بحكمة الله في كل ثانية من الحياة و أشعر أن الله معي. أشعر بالجمال في روحي. أشعر بأشعة الشمس كدثار حول عنقي. أشعر بالسماء كجزء لا يتجزأ من كياني. أشعر أنني قوية الآن بما يكفي كي أجتاز عقبات الحياة بحكمة و قوة. أنني أستطيع أن أرى الجانب المشرق في كل شيء حتى أكثر اللحظات سوادا. أشعر أنني كنت دائما هكذا. منذ صغري أحب تفاصيل الحياة التي لا ينتبه لها أحد إلا أن هذا لم يعد الآن يشعرني بالحزن أو الاختلاف، إنما صار جزءا من هويتي أصبحت الآن أحبه أكثر من أي شيء.
هذا الإحساس، هذه القدرة على قول كلمات لطيفة للآخرين، هذه المعرفة التي تأتي سابقة لأوانها أحيانا بأن شيئا على وشك الحدوث. هذه الرقة في التعامل مع الأشياء، هذا الوفاء لها. هذا العفو الذي يقدرني الله عليه حتى عندما يعجز الآخرون عن ذلك. هذا العفو، و هذا التبرير و هذه الرغبة في الحفاظ على صور البعض كما نحبهم نحن، لا كما هم في الحقيقة أو خلف القناع الذي يظهرون.
هذه الكتابة، هذا القلم. هذه المهمة التي أشعر أني خلقت لأجلها. أن أحيي عبر القلم بعض القلوب...
نهيلة أفرج
-
Nouhaila Afrejأستاذة و كاتبة مغربية