حتى في الموت يزايدون علينا، ويزيدوننا خيبة على ما فينا، ألا قلب لكم فترحمونا يا إخواننا؟ خلّوا بيننا وبين حبيبنا، دعونا نكتب ونسطّر فإنّا في قلوبنا ثلمة، وفي عقولنا صدمة، لا تلومونا فليس الأمر بأيدينا، هل تظنون أنّا سنكتب وترتاح أفئدتنا أو يشفى جرحنا، إنكم لواهمون .

لا تكففوا دموعنا فإن فعلتهم حرقت أيادكم، وأشعلت أصابعكم، إنها ليست عادية، دموع تمخّضت بداخلنا، واضرمت الجحيم بأوداجنا، حزننا ليس إلى أين ذهب فمصيره إلى خير إن شاء الله عزّ وجلّ، فلا حرام أكل، ولا زوراً نطق، بل للإسلام رفع وعلى الدّين دافع، ولكن حزننا عليه لأننا نحبّه من أعماقنا، ونجلّه من قلوبنا، رجلٌ أفنى حياته من أجلنا، ومن أجل تربيتنا، كلّ ما قيل في حقّه قليل، وما كتب غير كثير، هذا ليس من المجاملةً ولا الإطراء وإنما حكي لحقيقة واقعة، كما أنه ليس تعظيماً مذموماً وإنما "أمرنا أن ننزل النّاس منازلهم"، فقد أموت (أنا) وتموت أنت ولا يذكرنا أحد ولا تواكب مراسيم مدفننا أي مؤسسة إعلاميّة، عادي، لأننا لسنا مثلهم على أية حال، فليس من ناضل كمن راقب، ومن جاهد كمن قعد، ومن ضحى كمن أمسك، لنستحيي قليلاً !

لا تأتين بذكرنا مع ذكرهم *** ليس الصحيح إذا مشى كالمقعد

من العقوق القبيح ونكران الجميل، أن ندع هذا الرّجل –رحمه الله تعالى- يرحل بهدوء، اكتبوا عنه وعن سيرته، أخبروهم عن سمته وخلقه، حدّثوهم عن تواضعه وجدّيته، واصلوا في مشروعه وسيروا على دربه، أعلنوها مدوّيةً: إنّا باقون على العهد ..