زجاجة عطر
بعد عام من غيابك لم تغيبي لحظة
نشر في 12 يونيو 2017 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
6-6-2017
مر عام على رحيلك .. لا أدري كيف مر ولا أدرى كيف قيل أن الحزن يولد كبيرا ثم يصغر و حزني بغيابك مازال كأول لحظة ،
اني ابكي غيابك يا أمي أبكي بحرقة كطفل صغير لا يدرك عقله فكرة الغياب الأبدي و لا يفهم قلبه معني الرحيل المفاجئ .. ابكي كثيرا حين لا يراني أحد و ابتسم كثيرا فلا يدرك ما بداخلي احد
حين رحلتي لم استطيع مشاركة حزن رحيلك ، وأنا يا أمي لي أحباب اعتدت مشاركتهم أشيائي الصغيرة و الكبيرة لكنني في غيابك لم أجد كلمات تسعفني للوصف ، تعلمت وقتها أن الكلمات تصاب بالعجز مثلنا و أن اللغة أمام المشاعر مليئة بنقاط الضعف ، وحين لجأت للورقة و القلم أدركت يا أمي أن الكتابة لم تعد الحل السحري للبوح بمشاعرنا و أن هناك مشاعر و أوجاع مؤلمة حد الصمت
لقد كان رحيلك معلم قاسي علمني أن هناك حزن لا تسعه الملامح و أن اوجاع القلب لا تشفى وإنما تداريها هموم الحياة ، لقد تعلمت بعدك يا أمي ألا أحكم على حزن أحد و لا أقيم وجع أحد و أن الأوجاع الدفينة أكثر قسوة من تلك التي نبوح بها
رحلتي يا أمي و تركتي لي أحلامك التي لم تتحقق بعد كملح يسكب فوق جرح كلما أراد أن يندمل ، رحلتي و تركتي لي أشياء لا يدرك حجم شقاؤها غيري ، فهذه حافظة نقودك الصغيرة التي كم ضممتها في يدك و خبأتها بحرص بين أشيائك و تركتي لي داخلها زجاجة عطر .. أه من عطرك يا أمي .. عطر يحمل بقايا وجودك و صوتك لم أكن أدرك ان للعطور تلك القوة السحرية إلا حين شممت عطرك فشعرت انك تحيطيني بذراعيك و شعرت بدفئ عناق حرمنى منه مرضك شئ قاسي أن يبقى لك من حبيب راحل زجاجة عطر كلما احتضنتها بين يديك و اقتربت من أنفك أثارت لديك ذكريات لا حصر لها ، ضحكات ودمعات ، حكايات و أسرار . وبجوار زجاجة عطر ينام قلم كحل صغير يبدو عليه حزن فراق عينيك .. كم كنتي جميله يا أمي لم يفقدك المرض أنوثتك وجمالك و أخر الأشياء مشط متعلق به بعض من شعرك اخشى ان ألمسه فيفقد بريقه كلما أطلت النظر إليه رأيت أياما و حكايات لو كنت أدرك كم سأشتاق إليها لعشت فيها أضعاف
رحلتي يا غاليتي و تركتي ذكريات سترافقني حتى ألقاك بها يوما ، أردد بيني و بين نفسي وعدا لم تسعفني الايام لأعدك به يوما فلم تسمعيه مني الا و بيني وبينك باب قبر وبقايا عمر
أمي الغاليه بعد عام على رحيلك أصبحت على يقين أن الرحيل ليس بالجسد و ان كثير يملؤون بأجسادهم الفراغ حولنا و ليس لهم وجود و راحلين أفنى التراب أجسامهم مازالت أرواحهم تملأ كل تفاصيل حياتنا إلى أمي و كل راحل ترك خلفه قلوب لا تزال تشعر بـ فجيعة الفراق الأولى .. انتم السابقون ونحن انشاء الله بكم لاحقون جعل الله مثواكم الجنه و خفف وجع شوقنا إليكم وألحقنا بكم في جنة الخلد حيث لا فراق و لا وداع