في عام ٤٧٩ قبل الميلاد، عندما حاصر جنود الفرس المدينة اليونانية بوتاديا، تراجع المد أكثر من المعتاد مما فتح طريقًا أسهل للغزو، ولكن قبل أن يعبر الفرس منتصف الطريق فإذا بالماء يتدفق بشكل لا مثيل له ويُغرق المهاجمين، دعنا من فرحة الانتصار وتساءل معي.. ماذا أنقذهم حقًا؟ نعم، هي تلك القوى التي رغم إنقاذها لهم أهدمت الكثير، تسونامي (Tsunami).
رغم أنها تُعرف بموجة المد والجزر، إلا أنه في الواقع لا علاقة لها بنشاطهم الذي يكون بفعل جاذبية الشمس والقمر، ولكنها موجات لها قمة وقاع، وتتكون من حركة الطاقة خلال المياة، ومصدرها في بعض الأوقات يكون الرياح، ولكن ما مصدر الطاقة خلال المياة؟
تتمثل المصادر في انهيار سطح الماء أو في البراكين، أو في الأكثر شهرةً.. الزلازل في قاع البحار، والتي تحدث بانزلاق الصفائح التكتونية لسطح الأرض، لك أن تتخيل كمية الطاقة التي يطلقها حينها!
كل هذه الطاقة تنتقل للسطح بسرعة تزيد عن ٨٠٠ كيلومتر في الساعة، وكيف ذلك؟ تتم العملية خلال الأعماق، ولكن بعد فترة لا تكون المياة كافية لتحمل كل هذه الطاقة، فتقل سرعة الموج، وبناءً عليه ترتفع الموجة إلى السطح بطول كبير، ولطالما تحدث قرب السواحل —وهذا يسهل من رؤيتنا لها— وإن تساءلت عن معنى الكلمة نفسها فهي كلمة يونانية تعني موجة الميناء.. منطقي؟
ربما تسمع عن حادث تسونامي المحيط الهندي عام ٢٠٠٤ والذي قتل أكثر من ٢٠٠ ألف شخص في أنحاء جنوب أسيا، نعم كما قرأت، لم أخطئ الرقم. تعتبر تسونامي من الكوارث الطبيعية الخطيرة جدًا ورغم محاولة البعض التصدي له ببناء جدران أو بوابات فيضانات أو قنوات تحويل المياة، ولكن في ٢٠١١ جاء وتجاوز البوابات في اليابان مما أدى إلى مقتل ١٨ ألف شخص.
ولذلك كان من الأفضل للعلماء فقط مراقبة الأحداث والكوارث قبل حدوثها، ثم تحذير الآخرين حتى يستعدوا، وهو ما يحدث اليوم.
-
فؤاد ياسر عامرطالب بكلية طب عين شمس، أهتم بالفنون والآداب، كما أؤمن بأن العلم هو الطريق الوحيد نحو التغيير.