فيه فكرة سائدة ومش جديدة: إنه لازم الإنسان يعمل حاجة غير تقليدية أو يحوز منصب أو يقدم "إنتاج" عالي أو يخوض تجربة فظيعة علشان يحظى بالقبول والاحترام في مجتمعه، فكرة بتدفع الناس للتزاحم وافتعال إنجازات أو بطولات مثلا ومحاولة تسليط الضوء على أنفسهم أو تجاربهم بشكل محموم.. الجو دا وإن كان ممكن يزود إنتاجية الناس إلا إنه بيبطن الحياة بالقلق والاضطراب وعدم الرضا.
ودي مش سمات فردية أو في مجتمع بعينه بقدر ما هي سمة عصرنا بنظامه الاقتصادي ووسائل إعلامه. الأفراد عموما مش مخطئين أو مغيبين بقدر ما هم ضحايا ومنجرفين، وحتى لو كنا واعين بالحقيقة دي فمن السهل نقع في ذات الخطأ ونتجه نفس الاتجاه؛ لإنه وسائل الإعلام وأصحاب الأموال وأنصار التنمية البشرية وحتى باقي الافراد المتأثرين بالمصادر دي، كلهم بيدفعوا في نفس الاتجاه.. فنحتاج من حين لآخر اننا نذكر أنفسنا بحقيقة: أننا كبشر جديرون بالقبول والاحترام في مجتمعاتنا (مبدئيًا) كوننا بشر وبغض النظر عن إنجازاتنا أو إنتاجيتنا، إننا مش مضطرين طول الوقت نتصرف كأرجوزات أو نستعرض مناقبنا وميزاتنا وكأننا سلع في سوق لا بشر في حياة -طالت أم قصرت- هي محدودة، والمطلوب مننا فيها بشكل أساسي إننا نعبد ربنا ونسعى على قدر استطاعتنا، بسيطة بقدر بساطة احتياجاتنا (من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه؛ فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها).
حياة الإنسان عزيزة: "مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا"
ومكرَّمة: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ"
ودا قبل النظر لعِرقه أو شكله أو إنجازه أو مهاراته أو الكورسات الحاصل عليها أو العمل اللي بيشغله، وكل ذلك ما هو إلا استزادة، قد تكون كحرث في البحر إن كانت على حساب واجبنا الأساسي في عبادة ربنا أو أداء مسؤولياتنا الأولية في الحياة يعني.
الفكرة دي تداولها عدد من المفكرين بس أقربهم "بيجوڤيتش" في "الإسلام بين الشرق والغرب"
ودي مجرد خواطر وتذكير للنفس
-
مريم ناصفألاحق تناقضات النفس الإنسانية
التعليقات
موفقة عزيزتي مريم.
مقالكِ رائع ويلامس الواقع وهو تذكير للنفس فعلا لللتوقف عن المبالغة في المحاولة لإبهار العالم .