منذ اللحظة تدريجيآ التي يستقبل فيها الانسان اولي نظرات الحياه تبدأ لحظات ادراكه للحياة من حوله تدريجيآ و هنا تقع المسؤولية علي كاهل الاسرة علي تنشئة الطفل علي الاستقلال بالذات و الاعتماد علي النفس تدريجيآ هنا اهمس في اذن كل ام ان تتعلم كيف توجه مشاعرها الايجابية تجاه صغيرها ايجابيآ من خلال تدريبه علي الاعتماد علي الذات متغلبة بذلك علي الخوف النفسي الذي ينشأ داخله تجاه رضيعها منذ اللحظة الاولي التي تري عينيه نور الحياة... 

هنا نطرح سؤال هام ما الدافع النفسي وراء الخوف النفسي الذي يولد مع الامهات  تجاه وليدها مع عملية الولادة الاولي؟ 

نرجع الي التاريخ لنتناول قصة - ولادة سيدنا موسي عليه السلام - كان فرعون مصر يقتل كل وليد يولد - لبني اسرائيل - عام و يتركه عام و السبب في ذلك النبوءة التي اخبرها به احد الاحبار ان بني اسرائيل سيولد لهم وليدآ يكون علي يديه زوال ملك فرعون..  و لما ولد - سيدنا موسي - في العام الذي يقتل فيه الاطفال خافت امه عليه فاوحي الله اليها ان تضعه في صندوق و تلقيه في اليم حتي يلتقطه ال فرعون و ربط الله علي قلبها حتي نفذت الامر الالهي  و اوصت ابنتها ان تتابع اخباره فلما رأت بعض الجواري الصندوق اتين به الي آسية امرأة فرعون التي وقع حب سيدنا موسي في قلبها منذ رأته و استجدت فرعون لتتخذه وليدآ فوافق فرعون في النهاية ثم بدأت بطلب المرضعات فرفض ان يرضع من جميعهن حتي اتت اخته و اخبرتهم ان لديها من يرضعه فطلبوا منهم ان تحضر المرضعة فلما جائت ام موسي رضع موسي منها و رد الله لها وليدها لانها صبرت و نفذت الامر الالهي.. 

قال تعالي { و اوحينا الي ام موسي ان ارضعيه فاذا خفتي عليه فالقيه في اليم و لا تخافي و لا تحزني انا رادوه اليكي و جاعلوه من المرسلين * فالتقطه ال فرعون ليكون لهم عدوآ و حزنآ ان فرعون و هامان و جنودهما كانوا خاطئين *و قالت امرأة فرعون قرة عين لي و لك لا تقتلوه عسي ان ينفعنا او نتخذه ولدآ و هم لا يشعرون *و اصبح فؤاد ام موسي فارغآ ان كانت لتبدي به لولا ان ربطنا علي قلبها لتكون من المؤمنين *و قالت لاخته قصيه فبصرت به عن جنب و هم لا يشعرون *و حرمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل ادلكم علي اهل بيت يكفلونه لكم و هم له ناصحون فرددناه الي امه كي تقر عينيها و لا تحزن و لتعلم ان وعد الله حق و لكن اكثرهم لا يعلمون } سورة القصص الايات 7-13 

اذن فالفطرة السوية هي التي تتجاوز القلق علي طفلها و تترك الامر لله الحافظ..  نعود الي اجابة السؤال حقيقة توجد اسباب عدة وراء قلق الام علي اطفالها اولها - اعتقاد الام الخاطئ ان ابنها دائمآ صبيآ في عينها - و هذا يؤدي الي التدخل المرضي من الام في حياة ابنائها منذ صغرهم فقد تفرض عليهم اسلوب حازم صارم لا يترك لهم متنفس للحرية او تمنعهم من مشاركة في الانشطة الاجتماعية بدافع الخوف او تمنعهم اذا وصلوا لبداية مرحلة الشباب من دراسة معينة و تفرض عليهم دراسة اخري و تستمر التدخلات المرضية حتي تصل الي اختيار ال ظيفة و الزوجة او الزوج الخ و يصبح الامر خرج عن الحدود الطبيعية بطريقة تضع الابن او الابنة في موقف صعب جدا فهم لا يرغبون ان يقعوا في العقوق و لا يقبلون ان يصبحوا مثل - اسير الحرب - 

ايضآ تلعب التجارب المؤلمة دور هام فقد تسمع المرأة قصة حدثت مع رفيقتها التي اهملت ولدها او تكون هي ضحية ام قاسية فتنفذ ما تعلمت بالحرف مما ينعكس سلبيآ علي الابناء... 

ايضآ قلة الخبرة لدي الام نتيجة ضعف المستوي العلمي لديها يكون له دور كبير في تعاملها السلبي مع ابنائها و فرض عليهم حالة من الحصار.. خاصة مع ظاهرة - حب التملك -التي تجعل الام ترفض نصائح الغير بدعوة - ان لن يخاف احد علي ولدها اكثر منها - مما يجعلها تخسر الكثير من الخبرات التي تضيع عليها... 

ايضآ يؤثر تأخر الحمل علي المرأة الذي يجعله تنظر نظرة خاصة لولدها و تخاف عليه من ابسط الامور كما يلعب اختلاف نوع الوليد عن اخوته  دول كبير كفتاة علي مجموعة اولاد او فتي علي مجموعة بنات... حيث ينال الاطفال في هذه الحالة - دلال - زائد 

ايضآ تلعب الضغوط الخارجية دور كبير فهي دائمآ مقصرة اذا اصاب ابنها مكروه.. 

هذا و قد دعي القراءن المسلم الي الا يكون آمعة لغيره قال تعالي { و ان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله ان يتبعون الا الظن و ان هم الا يحرصون } سورة الانعام اية 116

ايضآ حرص النبي صل الله عليه و سلم علي تربية النشأ علي الاعتماد علي الذات و نذكر هنا القصة التاريخية الشهيرة الخاصة بالقائد الشهير - اسامة بن زيد - الذي وصي الرسول ان يكون قائد الجيش الذي يحارب الدولة البيزنطية وسط تعجب الصحابة لصغر سن اسامة الذي لم يتجاوز 20 عامآ الا ان الرسول ادرك شخصية اسامة القيادية و العسكرية التي تجلت من قبل في غزوات مؤتة و حنين و الخندق..  و قد عرفت هذه السرية - بسرية اسامة بن زيد - و قد حقق انتصارآ عظيمٱ مهد لفتح الشام فيما بعد.. 

و هنا اعطانا الرسول صل الله عليه و سلم درسآ هامآ في اختيار الشباب  ووضعهم في المناطق القيادية لان الشباب هم بنية المجتمع... 

هنا نناقش نقطة هامة كيف يتم تعويد الطفل علي الاستقلال بالشخصية منذ الطفولة.. 

في البداية تبدأ بالفطام و هو في سن العامين كما ذكر القراءن الكريم { و الوالدات يرضعن اولادهن حولي كاملين لمن اراد ان يتم الرضاعة } سورة البقرة اية 233 و الفطام هو ما يبدأ في تكوين شخصية الطفل المستقلة عن امه من الناحية النفسية و هي بداية مرحلة تعويد الطفل علي الاعتماد علي النفس و في هذه المرحلة يكون الطفل قد استطاع المشي و هنا اهمس في اذن كل ام ان تترك الطفل يسير بمفرده داخل الحجرة دون ان تحمله حتي لو طلب ذلك حتي يتعود علي الاعتماد علي النفس المرحلة التالية مرحلة الاكل يمكن اعطاء الطفل الطعام تدريجيآ حتي يتناول الطعام بمفرده دون مساعدة و اذا اسقط الطعام علي ملابسه علي الام ان تراعي صغر سنه و لا تتسرع بالعصبية... 

عندما يبلغ الطفل سن السابعة يبدأ في تعليمه الصلاة و العبادات و امور الحياة كما علمنا رسولنا الكريم لان ذلك السن هو بداية الادراك عند الطفل لذا احذر كل ام من غرس اي مشاعر سلبية خاطئة في الطفل في هذا السن لان الطفل لن ينسي لكي اي خطأ في حقه  و سيكبر معه الاحساس حتي الكبر و هنا اذكر الحادثة التاريخية الشهيرة للرجل الذي اتي الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكوه عقوق ولده فلما سأل عمر بن الخطاب الولد عن ذلك قال: لقد عقاني ابي قبل ان اعقه اما امي فانها زنجية لمجوسي قبل ابي و قد سماني جعلآ اي خنفسآ و فوق هذا و ذاك فان ابي لم يعلمني من القرءان حرفآ واحدآ فنظر الخليفة عمر الي الرجل و قال جئت تشكوعقوق ابنك و قد عققته قبل ان يعقك.. 

في مرحلة المراهقة تبدأ شخصية الانسان في التكوين و يحبذ هنا التوجيه الغير مباشر من خلال توجيه الانسان للكتاب بما فيه من العلم و الفائدة و تعليم الانسان الاعتماد علي الذات و تحمل مسؤولية نفسه تدريجيآ كان يتحمل مسؤولية دراسته غرفته الخ و يجب ملاحظة ميل المراهق الي التقليد الأعمى و هنا يتم تعليمه التميز و الابداع من خلال توجيه لممارسة انشطة و هوايات جديدة. 

مع دخول الانسان مرحلة الشباب ينبغي علي الام ان تدرك تمامآ ان اولادها و بناتها صاروا شبابآ يافعين و عليهم اتخاذ قرارات حياتهم وفق ارائهم بدون تدخل او  وصاية من الاهل و علي الابناء تحمل مسؤولية و نتيجة قرارتهم... 

و سأذكر هنا قصة تاريخية شهيرة للمرأة التي سمعها الخليفة عمر بن الخطاب توقظ ابنتها ليلا للطلب منها غش اللبن بالماء قبل ان يراهم عمر بن الخطاب فرفضت الفتاة و قالت لها اذا كلن عمر لا يرانا فالله يرانا فزوجها الخليفة عمر بن الخطاب ولده و انجبت الخليفة - عمر بن عبد العزيز - خامس الخلفاء الراشدين... 

ختامآ عزيزي القارئ لاشك ان الشخصية المستقلة تحظي بنجاح هائل علي المستوي الانساني و القيادي و تنشأ سوية نفسيآ بعيدآ عن الخلافات...