جرعات حنان(4)
قصة قصيرة الجزء الرابع
نشر في 04 يناير 2019 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
جاءت "توليب" مع "رهف" إلى المعرض بعد مكالمة الدكتور "مارك" الضرورية لها، في هذا الوقت كان "أوس" جالساً على المقعد الخارجي من المعرض ينتظر بفارغ الصبر. (وصلت رهف) وعندما رأتهُ هتفت بصوت عالي "أوساااااااااا" وهرعت إليه مسرعة، احتضنها وأجهش بالبكاء.
قامت "توليب" بمحاولة أخذ "رهف" منه قائلة: ابتعد عنها من أنت، لما تُقبلها بتلك الطريقة هيا ابتعد، قال لها "أوس": بل أنتِ من، ثم قال: هذه ابنتي "رهف"، أبحث عنها منذ شهور.
قالت له "توليب": مستحيل أباها "ريان" مات في السيل على طريق مدينة "بون"، ثم صمتت وتذكرت أن "رهف" كانت تذكُر أسم "أوسا" باستمرار.
قال لها "أوس": ريان يعاني من الأمراض النفسية، كان يُحب زوجتي بطريقة مهوسة، ولكنها كانت في حالة صد دائمة له، وعندما تزوجت أنا بها بدأ يُلاحقنا باستمرار محاول أذيتي، ثم صمت قليلاً وقال بحزن: وقد توفيت زوجتي أثناء ولادة "رهف" ومن هذا الوقت بدأ يلاحق "رهف" محاول أخذها ويُظنها ابنته، وقد نجحَ في ذلك في يوم ميلادها الثالث.
أصيبت "توليب" بصدمة وصمتت لبرهة من الوقت، لم تستوعب ما حدث، كما شعرت بالفقدان وبدأت دموعها تتهافت.
وصلت المباحث وانتهت من التحقيقات ثم قامت بتسليم "رهف" لأوس، شكر "أوس" "توليب" لعنايتها برهف وقدم لها مبلغ من المال كمحاولة شكر، ولكن "توليب" لم تقبله، ثم حضنت "رهف" بقوة وأثناء ذلك انتبهت على أزرار قميص "رهف" إذ بها غير متناسقة، ضحكت ضحكات ممزوجة بدموع الفقدان.
علاقة "توليب" برهف كان بها طعم خاص من العطاء وهو أسمى أنواع العطاء، هو نوع من الأمان الخالي من الاطمئنان المزيف، كانت (جرعات حنان).
أشفق "أوس" على "توليب" وقال لها: بإمكانكِ رؤية "رهف" متى تريدين، قالت له "توليب": علي أن أعود إلى بلادي فقد حان وقت العودة، كما أن جفاف هذه المدينة يقتلني، كما أني اشتقت إلى رائحة مدينتي "دمشق".
بعد عام كامل من هذا اليوم... عادت "توليب" إلى الشام وأثناء وصولها المطار إذ بفتاة صغيرة تهزها من أسفل ثوبها قائلة لها: أمي أزرار قميصي ليست متناسقة ... نعم نعم هي "رهف" ! فقد تزوج "أوس" بتوليب وقرروا العيش في بلاد الشام.
بقلم سهام السايح
-
سهام السايحمؤلفة كتاب كأنه سديم وكتاب عمر مؤجل
التعليقات
شكرا سهام.