الخلاف والانجراف - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الخلاف والانجراف

اننا لا نقهر ولكن لانفسنا قاهرين

  نشر في 16 يناير 2023 .

نميل نحن البشر حين وجود خلاف في علاقة ما الي ان نجعلها علاقة ظالم ومظلوم ، جانب صحيح وجانب مخطئ. فنري ان كل جانب "غالبا" يري نفسه مظلوما والجانب الاخر ظالما ، وهذه واحدة من اكبر المغالطات في الاصل.

ان استخدام النظام الثنائي المبني علي وجود حالتين فقط هما نعم ولا او صح وخطاء او ايا كان الشئ وضده ، هو في الاصل نظام وضع للتعامل مع كل ما هو مجرد تماما من المشاعر والعقل ، اما استخدامه في العلاقات الانسانية فهو بالضرورة يؤدي الي تأزيمها.

ان العلاقات الانسانية ليست جامدة هي شئ نشط متحرك يتاثر بعقل وعاطفة اصحاب العلاقة ، بافكار وثقافة كل منهم ، يتاثر بالمجتمع المحيط ومدي التداخل والانعزال عنه . وخاصة اذا ما طالت هذه العلاقة. 

ومن العجيب في العلاقات الانسانية انك قد تجد نفسك دون ان تدرك قد اتخذت الطرف النقيض المنافي والمعاكس لما تري دون ان ندري ، ولكن رغم هذا فان الخلاف يستمر.

ن سبب استمرار الخلاف هو اننا دون ان نقصد نستمر في الحكم علي المستجدات بنفس المنظور الاصلي الذي كان سببا في الخلاف، دون ان نعطي انفسنا فرصة لمراجعة وتعديل المنظور الاصلي الذي كان سببا في الخلاف بما جد واستجد ، فبالنسبة لنا هو خط مستقيم نكمل فيه بلا وعي.

ان العلاقات الانسانية وخاصة اذا طالت ليست علاقات ظالم ومظلوم ، او صح وخطاء ، وانما هي علاقة يكون الظالم فيها ايضا مظلوم في حين والمظلوم ظالم في حين ، ونتردد ما بين الحالتين باستمرار . انا ظالم في هذه العلاقة نعم ، ولكني ايضا مظلوم . لا يوجد ظالم مطلق او مظلوم مطلق.

وبسبب هذا الخط المستقيم الذي نتحرك عليه ومع طول الزمن والخلاف ، قد نبدا في توصيف العلاقة بشكل اكثر حدة وعنف . فمن ظالم ومظلوم الي قاهر ومقهور . والاختلاف بينهم ليس بالهين فالمظلوم ليس كالمقهور.

وكالعادة كل طرف يري نفسه مقهورا . وخطورة هذا التوصيف علي صاحبه كارثية. فالمظلوم يبداء بالدفاع عن نفسه ضد من يعتقد انه ظالمه مستندا الي وجهة نظره المعتقد انها الحق ، فيحاول ان يكتسب منها القوة رادا ظلم الاخر له.

اما من يظن انه مقهور فيبداء باخراج اسواء ما في داخله من خصال وطباع وافكار ظنا منه انه اصبح اكثر قوة ، ويحاول دائما ان يظهرها ظنا منه ان هذا خط دفاعه الافضل والاخير.

ولكن يالا المسكين لقد صار اكثر ضعفا ، ان قوته كانت في التحكم في هذه الخصال والطباع ، ومايزيد الامر تعقيدا انه يتخذ نفس الموقف من كل من حوله ليس فقط مع من يظن انه قاهره .فهو اصبح خائفا من الكل ويحاول ان يظهر انه قوي.

ان العبث كل العبث هو استمرار هذا الخلاف في الاصل ، ان الاخلاف سببه في الاصل اننا ابتعدنا عن ما هو مشترك ويسهل البناء عليه الي ما هو مختلف ويصعب الاتفاق عليه . والاصل ثم الاصل اننا بشر . في العلاقات الانسانية توجد مهارة التغاضي فلنكثر استخدامها مع من نحب.

قبل ان نبداء مناقشة الخلاف ، يجب ان نضع حدودا لما قد يصل اليه الموقف ، يجب ان يكون هناك اطار وخطوط حمراء في النقاش متفق عليها . مهما احتد الخلاف لا يجيب ان نصل اليها . مثلا ان نقول مهما حدث لم نصل ابدا الي مرحلة الخصام والقطيعة ولو ليوم او ان نختلف دون ان نجرح مشاعر الاخر.




   نشر في 16 يناير 2023 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا