الرسالة الأولى
عزيزتي،
لقد كنتُ لك كالشمس، لا تشع إلا باحتراق. وكنتِ لي كالقمر، متربع على عرشه لا يضيء إلا لنفسه. لكن ورغم ذلك أحببتك حتى أوديتِ بقلبي. كيف أسترده الآن وقد استوطنته إلى الأبد؟ هل من حل لهذا الاحتلال؟ أم أنك اعتبرت الاستيلاء عليه حقا مشروعاً!
الرسالة الثانية
عزيزتي،
تذكرت ذات يوم، عندما كنا جالسين بالشرفة المطلة على محل الشوكولا المشهور. كنا ببداية الشتاء، لكن عينيك كانا بلون الربيع. سألتني كاشفة عن ابتسامة أحلى من أيامي بدونك : إذا رحلتُ عنك ما عساك فاعل؟ أجبتك بدهشة البريء: لا أحب أن أفكر في الموضوع. لم أكن أعلم أنك قد عقدت العزم على نسياني...أما أنا، فلم أنسى حتى ذوق الشوكولا الذي التهمناه ذلك اليوم. لم أكن أعلم أنني سأراك لآخر مرة ترتشفين القهوة بشفتين مرتعدتين من البرد. ومع بداية كل شتاء وفي نفس اليوم. أقف على ناصية خوفي أترقب قدومك...لكنك لا تأتين.
الرسالة الثالثة
عزيزتي،
روحي إلى روحك تذهب، وأسوار الزمن بيننا تتعالى. صورتك في الخيال مرسومة لا تُنسى، وإن أنا نسيت فالقلب بهواك يذكّرني...
الرسالة الرابعة
عزيزتي،
متى فقدنا شغفنا وولدتنا أمهاتنا عشاقا! العشق لا ينتهي وإن انتهى فلم يكن من البداية. وأنا رغم كل شيء لم أفقد شغفي وأتوهج اشتياقا كل يوم للقياك. ترى على أي وتر أصبحت تعزف أناملك؟ في جميع الأحوال، قلبي لا زال ينبض على إيقاع موسيقاك الذهبية.
الرسالة الخامسة
عزيزتي،
هل من مكان للاستئجار في قلبك؟ أود لو سكنته إلى الأبد، وأعلم أنه لا يباع ولا يُشترى. سأدفع لك مقابل إيوائي ألف نبضة من قلبي. لا تخذليني! إمنحيني اللجوء في متاهات شرايينك. سأملأها أحلاما. لعلنا نلتقي في واحد منها.
الرسالة السادسة
عزيزتي،
لقد كنت في حضرتك كالصبي، أضحك ثم أبكي بلا سبب. أستميت في إخفاء حبي لكنك كنت بارعة في لغة العيون. لقد سكنتِ الضلوع والحشا. لقد كنتُ أنهار في بعدك، وفي قربك أنهار أكثر. في البعد عنك عذاب، وفي القرب منك عذابين. أتعلمين أنك تشبهين مدينة فينيسيا الإيطالية؟ رومنسية بطبعها وهادئة، لكن تطلعاتها كبرى. وأحلامك كانت أكبر من كل ما كان بإمكان شمعة أن تقدمه، مجرد نور خافت. لذلك كان قربك يؤذيني أكثر من بعدك. كنت أعلم أنك لن تستمرين مع عاشق مسكين على باب حب أتى من الماضي.
الرسالة السابعة
عزيزتي،
أيقنت حتى أيقنت، أن لا وجود لك سوى في خيالي. أن الليل بلا أضواء مجرد سواد... وأن هناك أضواء تخطف الأنظار لوهله.. وأخرى تخطف القلوب للأبد.
الرسالة الثامنة
عزيزتي،
تعلمين أن هناك فراق اضطراري، وهناك فراق ضروري. وهناك من إذا رحل ترك قلبك فارغا ككراسي مقهى باريسي في يوم ممطر. فلا المطر توقف، ولا القلب امتلأ من جديد.
الرسالة التاسعة
عزيزتي،
أود أن أفرغ منك، أنت التي ملأتني بالكامل واستوطنتني...لقد شغلت كل مساحاتي، حتى لم يتبق لي مكان ألجأ إليه دون أن أجدك فيه...أطالب بحق العودة لنفسي السابقة...قبل أن تنزلي وافدة على قلبي بلا استئذان...
الرسالة العاشرة (والأخيرة)
كل الرسائل التي كتبتها لك لم ولن تصلك لأنني لم أبعثها. صندوق البريد لم يعد يتحمل تفاهاتي، ولا أعلم لك عنوانا ولا سبيلا... عنوانك الوحيد قلبي. تقطنين به منذ ذلك اليوم، عندما وصل عنادك مداه ورفضت استقبالي لأنني تركتك تجوبين شوارع المدينة لوحدك. كنت آتيا لأعتذر عن ذلك لكنك كنت قد اتخذت قرارك بالانسحاب نهائيا، تاركة ورائك طائرا بلا جناح وبلا وجهة يقصدها. إن وصلتك هذه الرسائل يوما فهذا يعني أنني لم أعد أنتمي لهذا العالم، بل لآخر أفضل...