لا تقلق ،لست وحدك !
حينما يضيق بك الحال و تستحيل كل السبل من حولك ، تشعر بضيقة شديدة تكاد تختنق ،تريد البكاء ولكن ليتك تستطيع ، لا تدري أين الطريق ، تشعر بتيه لا تدري إلى من تلجأ وبمن تستعين ، جميع البشر من حولك قد تخلوا عنك، لا تدري إلى من تلجأ ، ولا تعلم من سيشاطرك في هذا الهم والحزن ، فيزيل عنك آثاره ويحاول الترويح عنك والتخفيف عن نفسك ، تحاول الإستنجاد بأحد من البشر ولكن هيهات ! صحراء مقفرة يا صديقي !
وإذا بك تنظر إلى السماء ، وما بها من سحب يشتاط لها العقل عجباً وروعةً ، ويكأنها تحتضنك بجمالهاو تلك الشمس ذات النور الدافئ ، ويكأنها تخبرك لا تقلق يا صديقي ، لست وحدك !
نعم ، لست وحدك ، لأن من خلق تلك السماء بغير عمدٍ لن يترك يا صديقي ، ومن خلق ذاك النور ودفأه لن يراك تحتاج إليه ولا يمد لك يد العون !
أتشك في ذلك !
حسناً ، لعل نفسك المتشائمة هي التي تسول إليك ذلك ،هي التي تجعلك تفقد يقينك في مولاك .
ولكن يا صديقي لست وحدك فهناك من يرعاك ، من يراك ويسمعك ، من يدبر لك أمرك ، من لا يغفل عنه أدق تفاصيل حياتك إنه ملك الملوك ، نعم ملك الملوك ، ولا تجعل الشك يتسلل إلى نفسك لحظة .
انظر إلى السماء يا صديقي هيا انظر وتأمل، تراها تجيبك بل تكاد تهمهم بكلمات تخفف بها عنك ،ويكأنها تقول لك أمن خلقني أيعظم عليه همك ؟ ،لست وحدك !
هناك من يهمه أمرك ،من يسمع لشكواك بدون ملل ،يا صديقي هناك من إن لجأت إليه فوالله لن يردك ، من إن رفعت إليه يدك فيستحي سبحانه أن يردهما صفراً خائبتين ، هناك من لا يعظم عليه شيء في الأرض ولا في السماء .
هناك من إن إذا أراد شيئاً قال له كن فيكون، بديع السموات والأرض سميع بصير .
أدعوك يا صديقي أن تتأمل في الجبال كيف هيا رواس ٍ شامخات ، انظر إلى البحار كيف خلقت بذاك النظام والتوازن بين اليابس والماء ، انظر للتوازن بين بعد الأرض عن الشمس وبعدها عن الكواكب الأخرى وكيف لتغيير طفيف في تلك المقاييس قد يودي بحياتنا جميعاً ، انظر لدقة خلق الإنسان بذاك التنسيق الرهيب ، قد تصاب بدهشة يطير لها عقلك ،أمن قادر على هذا يعظم عليه همك أيها البائس التعيس !
بلا والله قادر ، وبجانبك دائماً أينما تكن .
أيعجز عليه أن ينجدك أن يمد لك يد العون ؟
سبحانه حاشاه ،
فتهرع إلى ربك ، فتجده يقول :
(ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ).
فتجده سبحانه يقول: (وهو معكم أينما كنتم).
-لم تزل في أحلك أوقاتك، في عز ضيقتك وخنقتك واغرورقت عيناك بالدموع ، فتصفع وجهك رياح ، فتتفكر أمن أمر تلك الريح يعجز عليه أن يفك ضيقك ويزيل الغمة ؟!
سبحانه ، فتهرع إليه فتجده تعالى يقول :
(ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
فتجد قوله سبحانه :(وننزل من القرآن ما هو شفاء و رحمة للمؤمنين ).
- غمّت نفسك وتريد الشكوى ، فتجده سبحانه يقول :
( إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ).
نعم ، لما تشكو لغير الله يا صديقي ،فالشكوى لغير الله مذلة .
لك حاجة معينة ، وظيفة أو مكانة أو رزق معين باختلاف أشكاله ، وأصابك الهم ومن ثم تسمع الحديث :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ،فيقول من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له).
يقول ربك :( ادعوني أستجب لكم ).
فتطمئن نفسك ، وتواعدها بلقاء قريب مع ربك .
حاجة انت ممكن يُخيّل إليك إنها من سابع المستحيلات ، فتجده سبحانه يقول :
( إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وهو على كل شيء قدير ) .
فمن خلق السماء بلا عمد ، والجبال رواسي ، والبحار والأنهار ،بل خلقك أنت بذلك النظام المعقّد ..لن يعجز عليه همك ،أو حاجتك !
اهرع إلى ربك ، افزع إليه ، فوالله لن تعود فارغ اليدين ، والله إن الله لا يخذل عبداً استجار به ، إن الله يستحي إذا دعاه عبده أن يردهما صفراً خائبتين
إن ربك هو ملجأك ، لا تحاول أن تلجأ لغيره .
فجميع تلك الطرق نهايتها موصدة إلا طريقه سبحانه ، أنت لست وحدك !
فربك معك ، لا تحزن .
-
Maryam Tahaطالبة بكلية الطب ، أهوى الكتابة شعراً ونثراً ، لي آرائي الخاصة التي أحب أن أبرزها للعيان بشكل بلاغي ..