كورونا ,حجر صحي تجاوز الثلاثة اشهر في عدد كبير من بلدان العالم وضعية صعبة ,مقلقة لم يتنبأ بها احد , كمامات للوقاية اخفت معها ملامح اعتراها الخوف و الذعر في ظل جائحة فتكت و مازالت تفتك بأرواح البشر. مرحلة الصدمة و الدهشة التي عاشها سكان العالم و ما صاحبها من انتقال للعلاقات الاجتماعية القائمة على القرب الجسدي الذي تحول فجأة لبعد اجتماعي او ما باتت تطلق عليه الادبيات الإعلامية ب "مسافة الأمان" فالانسحاب الاجتماعي اصبح ضرورة ملحة في زمن الجائحة هروبا من عدوى الوباء انسحاب من الاخر نحو الذات ومن الشارع نحو البيت ... قلب للمفاهيم و التصورات و السلوكيات السائدة راسا على عقب في سياق سيرورة زمنية ماتزال سارية المفعول. في زمن الأوبئة يطفو على السطح دور المتخصصين في الأوبئة و الفيروسات الا ان دور المتخصص الاجتماعي لا يقل أهمية فهو مثله مثل باقي الباحثين مطالب بالتفكير في الوباء باعتباره موضوعا للدراسة و التحليل. زمن الجائحة وما صاحبه من "حجر صحي" عكس تباين و اختلاف مستويات الفهم و الوعي الصحيين بحيث انه وطيلة الثلاث اشهر من الحجر تبين ان مراكز البؤر التي ينشط فيها الفيروس هي أوساط الكثافة السكانية و الهشاشة الاجتماعية فدور الباحث الاجتماعي اذن هو دور مركزي و ذللك من خلال القيام بدراسات ميدانية هدفها الرئيس معرفة كيفية تفكير الناس في هذه الأوساط الهشة و المشاكل اليومية التي تتخبط فيها و ذللك عبر دراسة التمثلات السوسيوثقافية المتشكلة حول الفيروس و الأوبئة عموما وذلك عبر رفع منسوب الوعي الصحي بهذه الأوساط فالوعي بخطورة الوضع الحالي و تأثيراته المستقبلية شكل هاجسا لدى البعض بينما قوبل باللامبالاة من طرف الكثيرين فمرحلة "ما بعد الجائحة " تتأسس على احداث تغيرات كبيرة تمس البناء الاجتماعي .. تحولات في البنيات المادية ,تحولات إيديولوجية صاحبت الجائحة منذ بداياتها ـ اضطرابات نفسية مشاكل اجتماعي كلها مخرجات لجائحة خلفت اثارا ما تزال معالمها سارية رغم بوادر التخفيف التي طالت جل بلدان العالم .