ذاكرة بضامة البنة...
افترشت الأرض على قطيفة حصير من دوم... أنتظر عذاب قصعة كسكس، ابتلى الوطن بها كل يوم جمعة... أتلمظ وأتمنطق لسبع خضار ولحم أو طير دجاج يتربعها في غنج ودلال...
لكن أحزمة الفقر، ودعوات المصليين تأجل تأريخ اللحظة... حتى نادى المؤذن في غياهب الذاكرة، بأصوات تشي وتنم على وجوب إستذان ولي النعمة والذكر... صادحة بصوت جهوري ساخرة من تاريخ شعب يجتر هزيمة الجوع والطوى:
مكتوب... تحرمْ الرزق... أمور تحدث لأتفه الأسباب: أبواب مطاطية يمكن أن نخرج منها جملا. جمل قوارب. يمكن أن تتجه إلى جميع الجهات...
كل هذه الأسئلة وغيرها خطرت ببالي، دون أن أجد لها أجوبة، أو أقف عزمي على قرار. بعد ساعات من التفكير العقيم...
عزمت أن أركب أمواج ما تأتي به الأيام من أحداث، بعد أن تيقنت أن الماضي لا يموت أبدا. بل يرخي أحابيله في كل الاتجاهات، يمد مجسـّاته نحو كل الجهات، في انتظاري، كي أسدد ثمن أخطائي، حتى تلك التي نسيت منها دون أن يغفلها الزمن...
فقررت أن أتحين الفرص، وأن لا أباغث الأحداث، وأن أخطو الهوينى حتى أفكك ما تشابك من الأمور...
لم تدم النزهة طويلا، إذ أن غيمة الشرود ما لبثت أن لفت الآفاق معلنة ضرورة الرجوع إلى المبايت؛ فقفلت راجعة إلى حيث الدفء والأمان...
انتهى الحديث، قمت، وقد أرخى الليل الهلوسة، سدوله على ربوع كياني، معلنا وجوب الجلاء عن المكان...
أطلقت العنان لدموع في بكاء صامت، بكاء مكبوت منذ زمن... قصة حزينة، ذات شجون، على لحم أو طير أبابيل لم أجد أثره في قصعة كسكس على امتداد رقعة وطن...
سعيد تيركيت
الخميسات - المغرب -
22 / 05 / 2015