لا تسألوني من فضلكم! لا تفعلوا! إنني أكره الأسئلة، أمقتها بشدة إلى حد النخاع، لا تسألوني و لا تسألوا عني فأجوبتي مخيفة ، مقلقة ، خادعة، لا تخلو من رائحة السخرية، لا تسألوا عني فلا أجوبة مقنعة شفافة دقيقة ستأخذون.
سأهيمكم أنكم تعرفونني، سأهيمكم أنني أعرفكم ، تمامًا كما تفعلون أيها السادة!
إن كل ما تعلمته من هذه الحياة تعلمته منكم ، حتى الإنكار. إنني أدرك أنكم ستنكرون بعض ما قلته أو كله ، و ما أقوله و هذا أيضا تعلمته و سأتعلمه منكم...
أما بعد ، أيها السادة إن مبتغاي من هذا الكتيب الصغير الذي لا يعدو المائة صفحة ، هو إحاطتكم علما بأنني اليوم قطعت أوصال علاقتي بهذا الشيء الذي كلما حاولت ربط عناقد علاقتي به انقطعت و انشلت ، إنني و بكل جرأة سأحكي لكم ماذا طرأ، لكن ، أرجوكم لا تصدقوني فإنني كائن يبالغ أو يقصر بشدة في السرد أو الحديث !
ذاكرتي تختلف عن ذاكرتكم، لكم ذاكرة و لي ذاكرة للنسيان، أتوضأ بماء التغافل و أصلي صلاة النسيان.
بداية، لا تصدروا أحكاما ! فإنني لم أنفصل عن هذا الشيء عن طيب خاطر، لا ، لقد سلب مني حريتي، لاحقتني نظراته الوقحة في كل ركن أختلي به، إلا أن نظراتي أكثر وقاحة ، حين أحملق به لا ترف جفوني، إنني أرعبه ، يود إطفائي و أنا التي نيران الثورة تضخ بدمائي ، كلما حاول إجهاضها تعالت و اشتعلت شرارتها...
إن جل ما طرأ ابتدأ مع حدث لم يكن في الحسبان، علبة ضخمة مغلقة بإحكام، من شخص أجهله ، يعرفني حق المعرفة، لقد كان يوما من أيام العزلة الذي لم يكن ليتميز عن باقي الأيام التي عزلت فيها نفسي عن الجميع لولا هذه العلبة الغامضة التي وصلتني، و التي لم تسنح لي فرصة فتحها إلى بعد غد ذاك اليوم!
مليكة اوناين.
يتبع...