محمود اليعرب 

ونحن في الباص ننتظر احد زملائنا للعودة إلى المنزل اذا بأحد المتسولين يطوف حول سيارتنا، يطلب المال ويدعوا بأنواع الأدعية المثيرة التي تثير التعاطف .

 " عمو انطيني الله يستر عليك "

هذا احد نصوص دعائه الذي وجهه لصديقنا مما جعل احد أصدقائنا يرد عليه ضاحكا " شنو الله يستر عليك قابل بنية هو ؟!! كولة الله يوفقك - يحفظك " ضحكنا جميعا و كأن الأمر منطقي جدا .

لكن بحفر قليل في الجذور نجد المسألة مختلفة عما نتصورها. .. إنه التصنيف السلبي للأشياء بين ما هو ذكوري وما هو انثوي. 

ملفت للنظر هذا  التصنيف المتعارف عليه في كل شيء بين المرأة و الرجل حتى في الأشياء المشتركة .

كالألوان .

نوعية الأقلام والكتب .

غلاف الهاتف .

الهيتفوز.

وغيرها من التطبيقات التي لا حاجة للتصنيف بين ما هو نسائي وما هو رجالي .

إلى الآن يمكن اعتبار أن هذا التصنيف هو تغيير للتنوع ولا يسبب أي مشكلة .

ولكن لو حفرنا في جذور هذا التصنيف والتنوع لرأينا الأمر مختلف .

في بلادنا نسمع أصواتا مختلفة و متناقضة .

أصوات تنادي بأن المرأة مظلومة .

وأصوات تنادي بأن المرأة تعطى فوق حقها .

و الأمر في مجتمع شرقي مسلم يرتبط بأمرين :

1- أمر ديني

2- أمر إجتماعي

الأمر الأول دائما ما يطرح على أنه قضية حقوق وواجبات و يرفد الدور التكميلي للرجل والمرأة، ونسمع أن المرأة هي المربية و بيتها هو مسجدها و .. الخ من الأفكار التس  تروق للبعض و يلتزم بها  و التي لا تروق لآخرين ولا يلتزمون بها ، والتي  هي  محل خلاف عند آخرين .

أما الأمر الاجتماعي فمنطقتنا التي كانت تأد البنات خوفا من العار مجتمعات من الصعب عليها تقبل فكرة حركة المرأة مع المجتمع و هي طباع تهمش دور المرأة بعنف ، ومع أن هذه المجتمعات كانت من أشد مجتمعاتنا محافظة على قيمها و أصولها إلا أن تغير العالم أثر كثيرا على ذلك حتى أصبحت ابنة الريف لا تختلف عن ابنة المدينة إلا باللهجة.

اتكلم بعيدا عن دور المرأة و التصنيف المصنف .

حيث أن للمرأة " الله يستر عليج " وللرجل " الله يحفظك "

و كأن ستر الله على الولد أمر ثانوي ؟!

في مجتمعنا من المثير للشك خروج المرأة في وقت متأخر أما الشاب فالامر طبيعي .

من المثير تغير حالة البنت مع أهلها و علاقتها بهاتفها.

أما الشاب فهذا حقه !!!

إذا كون الشاب علاقة غير مشروعة مع فتاة فالامر عند العائلة شاب مراهق .

أما الفتاة فيتم إعدامها أو نبذها أو القائها في كارثة.

هذا النوع من التصنيف هو أخطر أنواع التصنيف الذي يفرق بين الجنسين في إطار التعامل مع عمر المراهقة.

هذا التصنيف يبين كم أن مجتمعنا متدين تدينا كاذبا يحرم على البنت ما يحله على الشاب.

ناهيك عن حالة التخلف التي تمنع الفتاة من الدراسة وممارسة دورها المناسب والذي لا يتعارض مع قيم المجتمع الدينية و الإجتماعية.

بقي طرف في المعادلة عدا الاهل والرجال والمجتمع ليلقى اللوم عليه ألا وهو الطرف الأساس " المرأة " حيث أنه باهمالها لدورها وانشغالها بأمور صغيرة ثبتت هذا التصنيف على نفسها .

وفي النهاية يمكننا أن نظيف مشكلة المرأة إلى جرة مشاكلنا التي ملئت و هي على وشك التحطم.