لا تدعي العلم بكل شئ فمن ادعى العلم المطلق فقد جَهِل...لم يصل إدراكنا يوما ما إلى درجة الكمال ولن يبلغه إلى قيام الساعة وتلك لحكمة يعلمها الله تعالى فنحن في عِداد المخلوقين ولا يحق لنا التعرف على ما عجزت عقولنا عن إدراكه ،فعقلك تلك المنحة التي خلقها الله تعالى بحكمة بالغة وميز به الإنسان عن غيره من المخلوقات وجعل له إطارا في التفكير ألا وهو الشرع كي لا نتخطى حدوده وفي ذلك كل الخير ربما لم تدرك به كل ما تداعى إلى ذهنك من تساؤلات أيا كان ماهيتها وذلك لفهمك القاصر فاحمد الله على ذلك ولا تتمرد فتضل الطريق وتُبتلى بالتشتت وتلك نتيجة منطقية ونهاية حتمية لكل من إغتر بعقله وجعله إلها حين لم يرضى بنقصه الآدمي وإتخذ من التفلسف دينا ومن الجدل منهج حياة.
فتَعلم وعلِم بكل ما أوتيت من قوة الكلمة وصدق الحديث وعمق الخبرة وكن على يقين أن ما علمته ليس بالكثير فاحرص على طلب المزيد وإن لم ُيمهِلك القدر لتكمل ولن يُمهِلك فستدرك حقا ان النقص خير حين تعلم أن أجلك أقصر من عمر العلم ذاته.
وكما أن النقص بالعلم خير فهو بالمعصية أيضا فبرغم ما تتركه الخطيئة في نفس المؤمن من ألم وحسرة على ما اقترف في حق نفسه إلا أنها تذكره بعد يقظته من غفلة الذنب بدناءة خلقه حال وقوعه في الذنب فتُشعره بنقصه وتدفعه دوما إلى التوبة ليس لتطهير نفسه من ذنوبه فقط وإنما قد تكون لنزع عُجبٍ خفي أصاب قلبه حين أثنى عليه فلان لطاعته أو لحسن خلقه فظن في نفسه الخير المطلق فابتُلي بذنب بصَره بذنب آخر...ولا أهدُف من قولي التشجيع على إرتكاب المعصية معاذ الله وإنما المقصد هو المداومة على محاسبة النفس في لحظات الطاعة وساعات المعصية فمن خلالها ستدرك آدميتك ومن ثم نقصك فتشعر بالرضا.
هل تصورت معي إن أطلعك الله على كتابك في الدنيا وقرأت ما حواه من أحداث وما تضمنه من مواقف حملت في ثناياها آلام وأفراح، أحزان ودموع، نجاح وإخفاق، فراق أحبة ..بل صف لي شعورك وقد علمت بأي وجه ستلقى الله تعالى على طاعة أم على معصية ، على خير تبلغ به الجنان أم على سوء يَؤُولُ بك إلى العذاب إلا أن يتغمدك الله برحمته؟
فلا تحزن لجهلك بأمور لو علمتها لاخترت ما أنت فيه من لحظة آنية ولا تدعي العلم ببواطن الأمور ودقائق الأشياء فيصبك الله بجهل ما علمته ونسيان ما تعلمته ولا تجعل طاعتك مدخلا للإغترار بعملك فالجميع مذنبون..فاحمد الله على نعمة النقص.
-
علاء صلاح الرفاعيكاتب إذاعي ومعد برامج بقناة أراك ميديا بالعربي على اليوتيوب ،المنسق الإعلامي لمبادرة دعم المحتوى العربي على الإنترنت برعاية إتحاد أراك "سابقا" ،،، كاتب إذاعي بإذاعة البرنامج العام ،كاتب في موقع مقال كلاود
التعليقات
ما أجملها وما أحكمها من عبارة، تذكرت عند قراءتها مباشرة موقفا حصل لي مذ زمن ... حيث كنت أجادل شخصا يحاول اقناعي بدخول تخصص جامعي غير ديني لمصلحة دنيوية وأن الدين نحن نعلمه فلماذا الاستزاده منه، نسأل الله العافية .
أحسنت :)