كيف نعيد الحياة إلى المجتمع ؟
يبدو في هذا الزمن المعتل أن المجتمعات سائرة للانهيار بسرعة جنونية، كل الأمراض المجتمعية أصبحت تنخر مجتمعاتنا و تهدم أساسها المبني على التماسك و التكافل ..
الفرد و الأنا أضحى يستحــوذ على كل شيء،الأنانية و الاستغــلال و المكر و كل الظواهر المنتنة أضحت نباهة و ذكاء و نجاحا سريعا ..
في هذه السلسلة من الانطباعات و الخواطر سأقف عند مجموعة من العوامل و الأخلاق و التصورات كانت تشكل أسس بناء المجتمع و ترابطه و تطوره نحو الأفضل و الأمثل لكنها أضحت اليوم شبه منقرضة أو سائرة في طريق الانقراض على أقل تقدير و لعل العودة إليها تعيد الحياة إلى مجتمعاتنا السائرة نحو الاحتضار .
-1- الثقة :
من أشهر الأمثال المغربية :» الرجل هو الكلمة « و قد كانت الكلمة تكفي لعقد العقود و يجد صاحبها حرجا في خرقها ، و قد يموت في سبيل إنفاذها شعاره : أنا صافي عطيت الكلمة ، و ما ذلك إلا ترجمة للثقة التي كان المجتمع ينعم بها و يسهم بواسطتها في رقيه و نموه فلما فقدت اليوم فقد تماسكه و تهالك بنيانه .
كانت الثقة تكفي للتكافل و التعاون و التعاقد لما كان لها من قيمة مرعية و احترام واجب ..
اليوم تهدمت فتهدم كل شيء .. الزوج لا يثق في زوجته و الأب لا يثق في ابنه و الابن لا يثق في أخته و الجار لا يثق في جاره و الأخ لا يثق في أخيه إلا من رحم الله فكيف نبني المجتمع ؟ ! كيف نبنيه على أساس من سوء الظن و الشك و الحذر من الأقرباء و الأباعد ؟ !
المجتمع يبنى على الثقة : نتبايع بثقة ، نتزاوج بثقة ، نتحاور بثقة و نختلف أيضا بثقة حتى تترابط القلوب قبل أن تتماسك الأيادي و يتراص البنيان بإذن الله تعالى