طيبة القلب - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

طيبة القلب

  نشر في 31 ماي 2020  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

 يتعامل بعفوية وطيبة وأحترام مع غيره من الناس

لا يجرح احد ولا يهين احد

طيب القلب

يتمنى الخير للجميع

يستحي من نظق كلمة لا

يحب تقديم المساعدة ويد العون لغيره 

يبتعد عن المشكلات ويسعى لحل المشاكل بطريقة سلمية 

يتنازل عن حقوقه أحيانا لأرضاء غيره

على من تنطبق هذه الاوصاف برأيك؟

للأسف في مجتمعنا نطلق على من تجتمع فيه هذه الصفات (درويش وعلى نياته!)

بات هذا الوصف للأسف يستخدم لوصف الأشخاص الذين يفترض أنهم يمثلون (نموذج الشخص المثالي) سواء في أسرته ومجتمعه وبيئة عمله.

معايير مقلوبة فرضها هذا الزمن، بحيث بات من نرى فيه السلوكيات الخاطئة، العنيف في تعامله مع البشر، السيء والبذيء في كلامه، المؤذي للمجتمع بتصرفاته، يوصف بأنه انسان مثالي، يحبه الجميع ويسعون لأرضائه، بينما الشخص المؤدب طيب القلب الذي لا يؤذي غيره ويحترم الجميع يوصف بأنه على نياته وصاحب شخصية ضعيفة، يعامله الجميع بجفاء، و يبتعدون عنه.

في زمن المعايير المقلوبة، يصبح الحق باطلاً، والباطل يتفشى كالفيروس ليتحول وكأنه هو السلوك العام، وهذه من أعظم مصائبنا في هذا الزمان.

كثير من الناس الذين من نوعية "على نياته" دلالته "على طيبتهم" يقعون في تجارب مؤلمة، يعانون من صدمات مجتمعية لا تتوقف، يخيب ظنهم في كثير من الناس، وقد يصابون بحالة اكتئاب لأن الوضع المثالي الذي توقعوه، تحول أمامهم للون أسود قاتم، بسبب أفعال أناس من النوع المناقض لهم.

الإنسان السوي، البريء في نواياه، الطيب في معاملته للآخرين، والذي قد يكون ذا شأن ومكانة رغم ذلك يصدم بالبشر، يعاني غالبا من هذه الصدمات، لا لخلل فيه، ولا لأنه يقوم بشيء خاطئ يفترض ألا يفعله، بل لأن مشكلته تتمثل في مسألة واحدة لا غير، هو ينظر للناس بعين تحاول أن تصورهم له بأنهم يطابقونه في القناعات والمبادئ والثوابت والأخلاق وفي النظافة السلوكية.

الإنسان الطيب الذي نصفه بأنه «على نياته»، هو من بتعامله الراقي يجعل كثيرا من «مرضى النفوس» يظنون بأنه صيد سهل، وأنه فريسة سينجحون في الاستفادة منها، خاصة لو كانت هناك منافع من وراءه، لانهم يعلمون بأنه سيتعامل بأخلاقيات معهم، ولن يتعامل بـخبث كما هم يتعاملون معه.

يعرف ذلك تماما، المسؤول الذي يمسك موقعا هاما، ويتعامل مع الناس بنظافة، ويلحظ كيف أن العالم يجتمع من حوله، وكيف أن البشر يخلقون له هالة لا مثيل لها، يحولونه وكأنه محور الكون، وحينما ينتهي عمله ويبتعد عن منصبه، وتغيب مصلحة الناس عن يده، يرى الجميع وقد انفض حوله، ومن كان يتملقه ويطالعه بعذب الكلام، قد يسمع بأنه يذمه ويشمت فيه.

هذا كمثال واحد، وقيسوا عليه الكثير من الحالات، بعضها قد تدخل في العلاقات الاجتماعية، كالصداقة والأسرة، وبعضها في مواقع العمل، وكلها حالات يكونلها وقع ثقيل في نفس من يتعامل بأخلاقيات وطيبة.

هل يفهم مما أقول أننا ندعو لأن يتحول الطيب والنظيف وصاحب الأخلاقيات إلى شخص آخر؟! إلى إنسان يتعامل مع غير الأسوياء بنفس سلوكياتهم؟! إلى إنسان ينسى الطيبة، ولا يهتم بالأخلاقيات وينظر للناس دائما بنظرة الشك والريبة والاتهام؟!

طبعا لا، لكن واقع الحال اليوم، يفرض على هؤلاء التعايش مع الصدمات حينما يخيب ظنهم بالآخرين، حينما يكتشفون الخيانة في العلاقة الإنسانية، وكيف أن فلانا قربه كان لمصلحة، وعلانا علاقته الدائمة التي انقطعت اليوم كانت ظنا بأنه شخص «مسكين» يمكن أن «يلعب عليه».

هذا النوع الطيب من البشر عليه الحذر في علاقاته، عليه تقييم مدى قرب السيئيين والمستغلين والممثلين والأفاقين منه، لا يجب عليه أن ينغمس ويندفع دون مكابح معهم، عليه أن يتعامل بأخلاقياته لكن ألا يجعلها مدخلاً له، ينفذ منه كل مستغل ومريض.

أصحاب القلوب الطيبة، أبداً ليسوا «مساكين»، وأصحاب «النوايا الطيبة» أبداً ليسوا ممن ننظر لهم بنظرة شفقة واستخفاف واستصغار؛ بل هؤلاء هم النموذج الطبيعي للانسان السليم من الناحية النفسية، وهم اصحاب القلوب النظيفة.



  • 6

  • Khaled
    كتابة المقالات الأدبية
   نشر في 31 ماي 2020  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

نسمة منذ 4 سنة
بارك الله فيك مقال رائع وفي الصميم
1
Khaled
كل الأحترام
نسمة منذ 4 سنة
بارك الله فيك مقال رائع وفي الصميم
0
Dallash منذ 4 سنة
مَا كَانَ التَّحَلِّي بِالْأَخْلَاقِ فِعْلاً ناقِصاً
وَكَانَتْ الْأَخْلَاقُ بَيْنَ النَّاسِ خَيَارُ
ماهر باكير
4
Khaled
بالتأكيد
كل الاحترام
هو ينظر للناس بعين تحاول أن تصورهم له بأنهم يطابقونه في القناعات والمبادئ والثوابت والأخلاق وفي النظافة السلوكية.

أشرت لأمر مهم، تجد طيب القلب انسانا يظن بأن العالم حوله يشبهه، هو لا يعلم كيف يستطيع أحد أن يكره؟ و كيف يستطيع أحد أن يكذب، و كيف يستطيع أحد أن يخدع، هو شفاف جدا، باطنه كظاهره.
لكن المسلم فطن، و بالرغم من طيبة القلب لا يجب على المرء الانصياع لأي شيء فقط بحجة طيبة القلب، طيب القلب يعطي من غير انتظار مقابل، نعم، و لكن لا يجب عليه أن ينسى في ذلك حق الله، و حقوق العباد. المؤمن طيب القلب و سريرته صافية لكن يجب أن يكون فطنا لمن يريد أن يستغله، و يرفض ذلك، و لا يقبله على نفسه. أن تكون طيب القلب لا يعني أن تكون ساذجا.
تحياتي ، تقبل مرورى
2
Khaled
اسعدني مرورك
كل الاحترام

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا