نقطة ومن أول السطر
ما أحوج كل واحد منا اليوم أن يقولها لنفسه.. "نقطة ومن أول السطر" .
نشر في 06 فبراير 2019 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
كان يقولها لنا معلمنا في المرحلة الابتدائية في حصة الإملاء..فأجدني أطرب لها وأشعر بحماسة غريبة..
والمعنى منها واضح كما تعلمون، نضع نقطة في نهاية الجملة لنبدأ جملة جديدة في السطر التالي، ولكم كنت أحب هذه الجملة مثلما أحببت أن أضع تلك النقطة الصغيرة وأبدأ من أول سطر جديد. وحينها لم أكن أعرف لهذا الحب والفرحة بالسطر الجديد سبباً محدداً..
إلا أنني عندما كبرت صرت أعرف سر هذا الإحساس والشغف.. شغف البدايات الجديدة وتلك النقطة التي تضع حد ونهاية لمرحلة مضت بكل ما فيها وتفتح آفاق جديدة لتجارب وتحديات واعدة أساسها فهم أخطاء ما كان، فمن زلة قلم هنا .. لسوء خط هناك أو ركاكة تصرف بين هذه وتلك..
ثم تأتيالنقطة.. فيولد من بعدها السطر الجديد معلناً بزوغ فرصة متجددة كي أرتب حروفي وألملم كلماتي القديمة المبعثرة لعل الفاتحة الجديدة تكون فاتحة خير وسعادة.
وما أحوج كل واحد منا اليوم أن يقولها لنفسه "نقطة ومن أول السطر" ..
نعم.. نحن أو أغلبنا يحتاج مثل هذه العبارة و مثل هذه الرسالة، نحتاج تلك النقطة والوقفة مع أنفسنا.. نقطة مصارحة.. وقفة مكاشفة.. نُسقط فيها كل المبررات الخادعة أو الحقائق الزائفة التي ربما تذرعنا بها وجعلنا منها حجج وتعاطيناها مسكنات نقنع بها أنفسنا أننا لم نقصر.. أو لم نخطئ.. أو ربما أننا ضحايا لا حيلة لنا فيما تأخذنا إليه الأيام والمتغيرات.
"نقطة ومن أول السطر"..
يحتاجها الناس على اختلاف فئاتهم .. حكام ومسئولين وأصحاب قرار.. محكومون أفراداً كانوا أوجماعات، فما يحدث حولنا من تغيرات سياسية واجتماعية وأخلاقية يستدعي بالضرورة حدوث مثل هذه الوقفة لالتقاط الأنفاس وإعادة النظر فيما كان وكيف كان ثم محاولة قراءة الواقع بحيادية.. فإن كان من خطأ اقترفناه.. أقررنا به وسعينا للتصحيح.. وإن كان من تقصير أو ضبابية مواقف.. اجتهدنا لتجلية الغيوم وتحييد التقصير والأهم أن يتبع ذلك كله الترتيب لما هو قادم وآت. ومثل هذه الوقفة يجب أن تكون متواترة ومتكررة طالما بقينا للتأكد أننا على الدرب السليم ولم نشت ولم نشذ.
فلتكن إذن قبل فوات الآوان..
نقطة من أول السطر ..
تمس قلوب حائرة وضمائر نائمة.. فلعلها تفيق وتنفض غبار اللامبالاة والسلبية وتساهم في إحداث تغيير للأفضل بإذن الله...
التعليقات
عمرو ... ابدعت بامتياز في نهاية المقال
مع وقفة حتمية ( تمس قلوب حائرة وضمائر نائمة.. فلعلها تفيق وتنفض غبار اللامبالاة والسلبية وتساهم في إحداث تغيير للأفضل بإذن الله...) تحية تقدير واعتزاز اليك عمرو