🪑🪑حديث الكراسي 🪑🪑
( بقلم : محمد خلوقي).
******* *******
الكراسي انواع واشكال ، وتكتسب صفاتها من طبيعة الجالسين فوقها ، او المقرَّبين اليها او المقتربين منها ، فهناك : كرسي الحاكم وكرسي الحكيم، وكرسي الوزير وكرسي الضرير ، وكرسي الفقيه وكرسي السفيه ، وكرسي الناقد وكرسي الناقم ، وكرسي القاضي وكرسي الفاضي ، وكرسي الأعيان ، وكرسي ( العيَّان) ممن دخل قبة البرلمان ، وكرسي ( شارلمان) ، وكرسي الحِسان وكرسي الأمان ، وكرسي المرحاض ، وكرسي الاجهاض ، وكرسي الانذال وكرسي الابطال ..وما الى ذلك من التسميات والصفات والنعوت التي تتعدد وتختلف حسب الدوافع والغايات ، والمواقع والنيات .
وسأحاول في كل تدوينة ان أتتبع همس وبوح بعض من هذه الكراسي ، وأتركها تنطق وتعبر عن علاقتها القريية اوالبعيدة بمن يقْتعدُها، او يرغب فيها، او صار اليها .
1-بوح كرسي الحاكم:
انه يعشقني بخشوع درجة َالعبادة ، لم تعد له قِبلةٌ غيري ، يتمسَّك باطرافي ويتمسح بها دون انقطاع ، تارة تجده بين أحضاني كطفل لاه ٍ، يتدلَّى من فوقي ، ويعبث بكل مكوناتي ، وتارة اخرى تجده كعاشق ولهان ، يجثو تحت اقدامي المذهبة دارفا دموع الحب والتتيم . ولا يفتأ يذكرني كذكر يعقوب ابنَهُ يوسفَ ، ويتفقدني باستمرار خوفا من أنْ يفقدني .
كل يوم أكون ُ معه في شأن ، وكل صباح يُصْدِر قانونا بتغير. مواضعي ومواقعي ، مرة يقْتعدني بصحبة الاقرباء والاخلاء، ومرة مع جلسات ورقصات النبلاء والاثرياء، واخرى مع صمت الوزراء ، ومرة مع امداح الفقهاء. وفي جميع الحالات اكون انا المُبجَّل ، والمُدلَّل ، وكل الابصار الي شاخصة ، ولقربي راغبة . ولا أخفيكم أني صرت أعتقد بألوهيتي وبسرمديتي.
2-بوْح كرسي البرلماني :
أنا تاجُهُ وعرُوسه ، وحلْمه وغرامه ، من أجل الفوز بي قد أنفق كل أموال كسبه المشروع وغير المشروع ، وأوْهم السُذَّج و قبلهم الطامعين بوعود كاذبة ، وتعَهَّد لهم بان فوزه بي ، هو الطريق لايصال ذبذبات أصواتهم المَبْحوحة إلى من بهم صَمَمُ .
جُلُّ كلامه عن المَقْعد ، وطريقة اقتعادِه ، كلَّما فارقني الا واشتاق إلي ، يحلم بي ليل نهار ، بل ينام وسط الجلسات وجثته بين أحضاني ، ولا يفيق الا ليتفقدني ،ولا يَقْبل ان يلْمسني غَيْره. همُّه ُ أن يتفرَّد ويَنْفرَد بي.
دائما يدخل علي متبخترا ، و يرخي علي سدول بِدلته ، ثم يملأ -مع أمثاله -القبة بتصفيقات مثل نقرات حوافر البغال ، وتارة يصاحب ذلك مشادات كلامية سوقية تشبه ما يقع في فضاءات الحمامات او الاسواق الشعبية .
وكم من مرة احترت ُ في امري وتساءلت عن مهمتي :
أ أنا كرسي صُنعت ُلاسماع صوت الشعب ، دون ان أَملَّ من ذلك او أتعب ، ام أني آلة حدباء ، بلهاء من خشب ، صُنعتْ كي يقتعدها الاغرب والاجرب و الأحْدب ، والمبني والمُعرب ؟
(يتبع ).
محمد خلوقي