استقاء العِبَر.. هل ينجح إنسان اليوم في ترويض تناقضاته؟
نشر في 06 أبريل 2019 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
من الصعب تقييم مرحلة ما من الحياة قبل أن تنقضي، لكننا مجبرون على فعل ذلك باستمرار لاستخلاص الدروس؛ فالحياة لا تنتظر، وكل ما هو آت مترتب على ما سبق.
وفق إيماننا، خلقنا الله لسبب، مدة مكثنا في هذه الدنيا محدودة، إمكاناتنا محدودة، وعلينا أن نعمل وفق إمكاناتنا هذه واضعين نصب أعيننا هدف وجودنا هذا متذكرين دوما أن كل هذا صعب لكنه مؤقت وزائل وهناك حياة أخرى نجني فيها ثمار صبرنا.
هذه عقيدتنا التي ينبغي أن نغرسها في قلوبنا، وهذا الغرس في حد ذاته ليس باليسير؛ الإيمان صعب أيضا ويتطلب تعلما وتعثرا وجهادًا مستمرين.
نحن بشر ضعاف بطبعنا، أودع الله فينا عقلا وأملاً إلى جانب الشهوة واليأس. هذه المتناقضات إلى جانب بعضها في كيان واحد مربكة ومعذبة، تحتاج منا تفهما ووعيًا وجهادًا حتى نستوعبها ونتصالح معها كافةً.
عالم اليوم المليء بالمغريات والسلع بما يحمل من مادية وتهميش للجوهر والروح لن يساعدنا أبدا على تواؤم بداخلنا بين متناقضاتنا، لكن لا تزال لدينا القدرة على الجهاد. كلمة جهاد تنضوي على تعب ومشقة. أن تكون طيبًا في عالم اليوم ليس بالأمر الهين.
رغم كل هذا التشتت والضعف، لم يخلقنا الله في الدنيا بلا أسباب للصبر والأمل، بنوافذ عدة شُكِّل بناؤنا بما يمكننا من النظر من نافذة دائمًا.
في هذه الحياة عزاءات لا تُحصى: قد نراها في قطرة مطر أو صوت عصفور، في مداعبة طفل أو في نظرة عرفان. ربما نراها في طعام أحببناه أو في نسمة هواء رقيقة.. وفي بعض الأيام ربما لا نرى في الدنيا ما يمكنه تصبيرنا؛ فنحزن، لنا الحق حينها بأن نحزن.
أحد أسباب عدم ارتياحي للاختلاط الكبير بالمجتمع، ميل الناس للظهور بصورة مثالية كاملة، وهم بذلك لا يضفون على أنفسهم ملائكية مزيفة فحسب، بل يسحبون منك الحق في أن تكون ناقصًا وهي طبيعة البشر، كما يضيفون عبء التمثيل والتجمل والتحفز المستمر.
من حق الإنسان أن يكون ضعيفًا وأن يطلب المساندة كما من حقه أن يكون جلدًا ويمنح العون للمحيطين به، وهو إن لم يحظ بحق الضعف وتلقي الدعم، لن يقوَ على العطاء.
لا أستطيع العيش دون تأطير لحياتي بين الحين والآخر، وأرى أن الحياة بلا أفكار ومعانٍ عبثية. الإنسان بلا عقيدة هلامي ممحو المعالم، وكل هذا الكلام محض خواطر عامة، وتذكير للنفس.
-
مريم ناصفألاحق تناقضات النفس الإنسانية
التعليقات
سعدتُ بهذا الطّرح الأنيق.. حييتم..
كما ان اغراء السلع تضخيما لرغبة مؤقتة..
مقال ثري وأتمنى لك التوفيق.