حوار مع صديقي الاكول
البطن والعقل ..مقارنة مع فارقالتحيز.
نشر في 15 ديسمبر 2016 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
قال لي الاكول :لماذا تقرأ؟
قلت له ولماذا تأكل ؟
قال لي كي أقوى جسمي على البقاء والحياة
قلت كذلك القراءة تقوي العقل على اليقظة والتدبر والنظر.
قلت له اعرف انك تعشق المضغ والبلع فما الأكل الذي يغريك ؟؟
قال ما لذ وطاب ،وحقق النفع، ودرأ المضرة.
قلت كذلك العقل ينتفع بما اتسع من حكمة ومعارف مفيدة وينفر من سفاسف الأفكار .
وقال لي متهكما: ولماذا تكتب ؟؟
قلت له ولماذا تتتحرك وتنطق ؟
قال :لكي اسمع وأرى من طرف الناس.
قلت :كذلك الكتابة هي حركة رشيقة رشيدة من خلالها يكتشف الكاتب جغرافية الفكر ويستطلع دوروب الأحاسيس ،ويبنى يرسم ويبدع كما يشاء التصورات والرؤى .. الكتابة ذبذبات مسترسلة توقظ الفكر والإحساس ، ..بها يخلد المرء ذكره بعد الرحيل ..فهي نور سرمدي مشع لا ينطفئ .ولحن لا ينقطع سحره.
قال : أنا املأ بطني اذن فانا حي .
قلت: و انا اكتب إذن أنا موجود .
قال الأكول مستثمرا مقاييسه البطنية إذن القراءة كالطعام فلماذا يعشق الثاني في زماننا دون الأول ؟؟
قلت إن الخلل ليس في طبيعة النوعين ولكن في رؤيتنا التجزيئية للأشياء والموضوعات ، فالناس تعتقد انه لايمكن العيش دون طعام باعتبار فطرة الحياة والبقاء، بالمقابل يمكن أن نستغني عن طعام القراءة ولذة المطالعة.وهي مفارقة عجيب غريبة .تعود أصولها إلى أن جرعات الحب والشغف بالقراءة والتعلق بالكتاب لم تحقن في عروق الابناء في زمن التنشئة الأولى والغرس المبكر والتعهد المسؤول .. فانت تلاحظ أن أتات منازلنا يكاد يغص بكل ألوان الديكورات والزخارف والمعدات والمزهريات وأواني الطبخ والأكل مقابل نقص حاد و فقر شديد في حضور الكتب والمكتبة المنزلية ..لقد رسخنا بوعي أو بغير وعي احتفالية البطن على العقل ، وتخرج من هذه البيوت أكلة طعام حتى التخمة ،وجياع فكر حتى الموت .
فصمت الأكول ثم نطق باحدى حكمه البليدة : ( بحال الأكل بحال القراية الله يرزق غير السلامة ) .
التعليقات
ذكرتني مقالتك بالذين يلتقطون صور اطعمتهم !! وهو اكبر دليل على فراغ ادمغتهم ، فهي ايضا بحاجة إلى تغذيتها بالثقافة والعلم .... دام قلمك استاذ.