آية صوفيا: الأكثر رمزيةً في إسطنبول
نشر في 15 شتنبر 2020 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
قبل أن يشتهر عام 430 ميلادي باسم "هاقيا صوفيا" أو الحكمة الإلهية بالعربية، سميت الكنائس التي بنيت في المكان مجتمعةً بـ "ميقالا اكلاسيا" والتي تعني الكنيسة العظيمة، ويعرف المبنى الآن بعدة مسميات أبرزها "آية صوفيا" بالتركية، و"سانكتا صوفيا" باللاتينية، ورسمياً يدعى "آية صوفيا كبير جامع شريفي " الذي يقابله بالعربية "جامع آية صوفيا الكبير".
وقد بنيت أول كنيسة في المكان في عهد الإمبراطور "قسطنطين الأول" عام 325م، لكنها هدمت عام 404 في أعمال شغب، وبقيت صامدة بعد إعادة بنائها حتى العام 532م عندما هدمت مرةً أخرى في أعمال شغب "نيكا" الشهيرة، حينها أمر الإمبراطور البيزنطي "جستنيان الأول" ببنائها على الشكل التي هي عليه الآن حيث بدأ البناء عام 532م وانتهى عام 537م.
صَمَّم البناء الضخم المعماريان الإغريقيان " إيزيدور ميليتس "، و" أنثيموس تراليس"، حيث بقي البناء الكنسي الأضخم على مدار ألف عام إلى أن اكتمل بناء كاتدرائية أشبيلية عام 1520م. وقد كانت "آية صوفيا" مركزاً دينياً، وفنياً، وسياسياً بارزاً، وكانت رمزاً لقوة وازدهار الإمبراطورية البيزنطية، ومعلماً دينياً مهماً للطائفة الأرثوذوكسية. لكنها تحولت إلى رمزاً عثمانياً وإسلامياً بارزاً بعد الفتح العثماني وإلى يوم الناس هذا. ولهذه الأهمية المكتسبة على مر التاريخ، وضعتها "اليونسكو" في قائمة التراث العالمي.
عندما فتحت القسطنطينية عام 1453 بقيادة السلطان العثماني "محمد الفاتح"، تم تحويل "آية صوفيا" إلى مسجد؛ ولهذا الغرض أجريت العديد من التعديلات، حيث تم إرفاقه بمنبر، ومحراب، ومدرسة، وفي عهود لاحقة تم بناء أربع مآذن، بالإضافة إلى إرساء دعائم إضافية لهيكله.
وقد بقي البناء مسجداً إلى أن أغلقته السلطات التركية العلمانية عام 1931، وأعادوا افتتاحه في العام 1935 لكن ليس على حالته السابقة، بل أصبح متحفاً يزوره أعداد ضخمة من السياح القادمون إلى إسطنبول، وبقي على هذا الحال لـ 85 سنة عندما أعلن مجلس الدولة في يوليو 2020 ببطلان القرار الصادر عام 1934 بتحويله إلى متحف لعدم قانونيته، معتمدين بذلك على كون البناء ملكيةً خاصةً للسلطان محمد الفاتح، اشتراه من القساوسة البيزنطيين بماله وأوقفه مسجداً للمسلمين؛ وبناءً عليه تم استصدار قراراً جديداً بإعادته لحالته السابقة مسجداً تقام فيه الصلوات. وأصبح الدخول إليه لا يقتصر على المسلمين فقط، بل يمكن لغير المسلمين زيارته أيضاً، وبالمجان.