إذا أردت أن تفكر في الحرية سيصيبك التعب من كثرة المفاهيم والتعريفات والصور ، فالحرية ثوب فضفاض يريح كل من يرتديه !
تتقافز أمام عيني العبارات والصور ومقاطع الفيديو والاقتباسات التي تفنن في كتابتها وصياغتها كتاب ومفكرون ؛ إلا أنني سأحاول أن أتكلم مثلما يمليه علي التخبط الفكري الذي أعانيه منذ صغري ،وخاصة منذ خمس سنوات _الثورة_ ليست هينة على هذا الجيل ، فخمس سنوات من الثورة تعني خمس سنوات من النجاحات وفرحة الثماني عشر يوما ، وفرحة التنحي وهناك الاخفاقات والخيانات والخداع والسجن والخيبات ، وهناك نور المثالية الذي انطفأ بداخلنا ؛ لأننا ببساطة أبصرنا واقعاً فقأ أعيننا وعاقبنا كزرقاء اليمامة لأنها قادرة على الرؤية !
الحرية اصطلاحاً من تعريف أبي حامد الغزالي محمد بن محمد : الحر من يصدر منه الفعل مع الإرادة للفعل على سبيل الاختيار مع العلم بالمراد .
الحرية هي الارادة لفعل شئ والاختيار ، ذاتنا حرة ، نفكر كيفما نشاء ، ونختار حيواتنا القصيرة هاهنا ، نعبر عما نريد بلاخوف ، بلاعقاب ، أن تفعل ماتريد لامايريده الآخرون . البعض يعرف الحرية أنك حر مالم تضر وأن حريتك تنتهي عند أعتاب حرية الآخرين ، ولكن كيف نحدد الضرر الذي يلحق الآخرين وهم يقحمون أنفسهم في خصوصياتنا وفي اختياراتنا ويخبروننا أننا نضايقهم ، لن أنسى صديقة تأففت مراراً من شكل شعر طالب معنا في الكلية ووصفته بالأنوثة وغيرها من الصفات التي نعرفها جميعا ، والسؤال هنا هل شئ تافه مثل هذا يقف في سبيل راحتها ويضرها حتى يمتنع صاحبه عنه !! وكذلك أيضاً من يعرف الحرية على أنها فعل الصواب وعدم الخطأ والخروج عن العرف ! !
نأتي إلى أصل المشكلة ، من يحدد المعايير هنا في مجتمع تشوهت معاييره ومعطياته وحياته ؟
من يحدد الصواب والخطأ ؟ أشخاص مثلي ومثلك ولكنهم ربما يتلبسون رداء الدين والفضيلة ليقنعوك بأشياء لاتقبلها ، وآخرون يتلبسون رداء السلطة ويخبرونك أن الصواب هو مايحددونه لك وأنك يجب أن تكون مواطناً صالحاً يبجل الحكومة ويمشي بجوار الحائط ، وهناك عائلتك ومجتمعك الصغير الذين يقيدون قدميك إلى الأرض ويحرمون عليك الشذوذ عن عاداتهم ويكأننا عدنا إلى أزمنة سحيقة حين يرسل الله رسله فإن المجتمع يردد أن هذا ماوجدنا عليه آباءنا ومادونه باطل وسراب .
سألت على مواقع التواصل الاجتماعي ، وسألت عينة عشوائية من الناس وأفحمتني ردودهم إلى حد عدم التصديق ، هل النفق مظلم إلى هذا الحد ؟!
هل نحن حقاً لانستحق الحرية ولانفهمها ولاينبغي أن تطالب بها ! ، ألم يمت آخرون كي تنعموا بالحرية ، ألم يخرج جنود يحملون السلاح لتحرير الأرض ؟ ألم يخرج شبابا وكان ورداً فتح في جناين مصر كي تنعموا بالحرية ؟ ألم يسجن ويعذب آخرون حلموا من أجلكم !
الحرية والثورة ربما كانت رغبة منا في البحث عن ذاتنا والتعرف إلينا قبل أي شئ فلاندم هنا .
دعونا لانطيل هنا فالأمر مرعب وينكئ جراح مااندملت ولن تندمل أبدا !
لاأريد أن أثقل عليكم بباقي الردود فالأمل حتى وإن كان الليل طويلا يخبرنا أن هناك فجرا .
الحرية ربما هي الحب الذي يزلزل كيانك ويشعرك بخفة طائر يحلق في يوم ربيعي ويستمتع بالشجر والسماء ، الحرية هي ذلك النور الذي يشع بداخلك ليخبرك أنك قادر على التنفس .... على الحياة .. أن تهد الأسوار التي حاصرت روحك ، أن تحلق في درجات أعلى من الوعي ، أن تكون شمعةً تشعل شموعاً أخرى في سبيل الحرية .
-
هبه هيكلأكتب لأبقى ، لأعبر عما أعايشه ، وماأشعر به من مشاعر الآخرين ، أرقبها وأنزفها على الأوراق ، أبحث عن الأمل ، وأحاول الاحتفاظ بسلامي الداخلي في هذا العالم الدامي .
التعليقات
بعد تفكير طويل ومضني اكتشفت ان هناك العديد من العوامل الخفية التي كان لها الاثر في اجهاض الثورة وتوجيهها الى مصالح شخصية او جماعية..
اكتشفت اننا ما زال بيننا الجاهل الامي لا يعرف القراءة ولا الكتابة ويصدق كل ما يسمع ويقول كل تقدر عليه شفتاه ومع كل ذلك له حق التصويت الذي كان في وقت من الاوقات مفترق طرق..
اكتشفت ايضا ان معايير الاهمية عند الناس مقلوبة بمعنى ان الهزل حل محل الجد ... وعلى سبيل المثال لا الحصر الاهتمام الشديد بكرة القدم على طلب العلم . هناك من ينفق معظم ساعات يومه اما في الحديث عن كرة القدم او متابعاتها
الامر بات جنونيا...
حلم اي ناشئ او شاب الان ان يصبح لاعب كرة قدم..
الامر يتطور من سئ الي اسوأ
اذا سالنا انفسنا هل نستفيد بكل هذا الوقت الاجابة صفر بل بالسالب فقدنا العمر الذي هو راس مالنا
قيسي علي هذا المنوال كل شئ في حياتنا اليومية
الاستنتاج النهائي لكل هذا لا تعطي الحرية لشعب جاهل غير واعي لانها ستتحول الى فوضى وهذا ما حصل...
مقال رائع جدا وبالتوفيق