بطء انترنت!
بالنسبة لشخص مثلي يقضي جل وقته أمام شاشة الحاسب الألي ضعف الإنترنت يستطيع أن يؤدي بي الى الجنون!
الصفحة التي انتظر تحميلها ساعة و الكلمة التي اريد ان اترجمها فقط اترجمها بالقليل من السعات فهي مجرد كلمة و حروف!
و جميع خطط يومي تتمثل فى الانتقال من مقال إلى موقع إلى تطبيق ما إلى كتابة بحث ما، أو مشاهدة فيديو ما اذا اسعفني الانترنت!
انا لا ادري ما علاقة الانترنت بالمطر، لماذا يسوء فى اليوم التالي لنزول المطر، اثناء المطر يمكن ان ابرر او توجد اعذار او اى هراء لكن لماذا يسوء فى اليوم التالي للمطر!
بالأمس تعرضت لحادث سيارة لكن الحمدلله لم اصب بأى مكروه لطف الله تعالى
و لكني قليلا قليلا اكره كل شئ هنا!
صديقتي رزقت اليوم بمولود فى بلاد آسيوية بعيدة
فرحت كثيرا و انتابني الكثير من الحنين فهي عزيزة جدا و قريبة إلى قلبي
كم اود ان اكون معها الآن!
او غدا او اى يوم قريب و لكني اعرف اني قد لا أراها على مر سنين من الان
كثير هو ما تأخذه منا الغربة و الأكثر هو ما يأخذه منا الوطن!
طفلتها الصغيرة لم تستطع التنفس و ادخلت الى غرفة العناية المركزة لمراقبتها حتى الغد!
حاولت أن أتواصل مع صديقتي و لكنها لم ترد ربما نامت ربما هي فقط متعبة و على الأرجح لقد بكت كثيرا من الخوف على صغيرتها و من الوحدة!
انا لا املك الكثير من الاصدقاء فى السودان و تقريبا اجازتي كلها فى البيت على سريري نائمة أو أمام شاشة حاسوبي او غاضبة على انقطاع الكهرباء و ضعف الانترنت و رغبة ملحة للرجوع إلى صقيع البرد و احلام متقاطعة عن المطار و الطائرة الذاهبة بلا عودة
محملة بكم من الخذلان عن اوطان لم استطيع العيش بها و حياة لا اريدها
عن اصدقاء كل ما يجمعنا كلمة نسينا معناها
و جروح بلا دواء و أقارب راحوا أو ضاعوا
عن اشخاص كل ما يكنوه لك هو الحقد
يحسدوك على الغربة التي لم تختارها و لكن اختارتك
يحسدوك على البعد و آخرون يلوموك على البعد
و كل ما اريده هو حضن امي و تقبيل رأس ابي
و انترنت سريع!
القليل من المطر حتى لا اوحل فى الطين و تيار كهربائي ثابت
اصدقاء لا تشعر بالحقد بين كلماتهم
و الكثير من الحب !
صديقتي فى أمريكا رأيتها قبل عامين و لا اعرف متى ساقبلها مجددا
اشتاق لها جدا بلا سبب أو بسبب لاني اعرف انها لا تتغير مع الزمن و لا تحقد
صديقتي الاخرى سأودعها بعد اسبوعين لميعاد غير معروف و كلانا لا يعرف أين سيكون بعد عام لكن ليس هنا فى هذا الوطن مجددا
اشتاق لها منذ الآن والى صوت ضحكاتها
نحن لم نختر الغربة و لكنها اختارتنا و لم نجد لها بديل
انه الهروب المقنن فى بلد طفح بالطين و الحقد و الحسد و الأنا
كل منهم يبدأ كلامه ب انا
مؤلم جدا عندما تقرر أنك لا تريد ان ترجع و لكنه ارحم من الجلوس و السماع لصوت الا انا
انا لا اعرف ماذا يعني أن تكون "مُفتح" و منفتح اجتماعيا و تصف الآخر بأنه أكاديمي أو أن تصف نفسك بأنك أجدر من غيرك بالحصول على منحة دراسية ما لماذا تعتقد ان الـ"أنا التي تملكها أهم وأقيم من الأنا" التي يمكلها الآخرون
انه بلد يغرق فى النفوس المريضة
وسط الغرباء الأجانب لم أقابل مثل هذه النفوس المريضة البتة و لا اظن انها منتشرة
لا أحد يفخر بفجره و لا تفتحه و لا لتفوقه الأكاديمي مثل ما يفعل هؤلاء الحمقى
اعرف فقط اني لا اريد ان اعود هنا و ان عدت ربما لفترة اقل كثيرا من مدة شهرين
حتى يغلبني الحنين على الطين!
فلا أشم رائحته النتنة!
8 أغسطس 2017
- 1
-
-
فائقة العوضمدونة سودانية فى عشرينيات العمر، تكتب عن الحياة!
التعليقات
لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... ! تابعنا على الفيسبوك
مقالات شيقة ننصح بقراءتها !
مقالات مرتبطة بنفس القسم
ما بين التثقيف والتصفيق فى الجمهورية الجديدة!
دائماً ما كانت «الأنظمة» تستخدم «المثقفين» للترويج لأعمالها ومشروعاتها(هذا إن افترضنا أن هذا النظام يمتلك مشروع بالفعل)، ولكن فى الماضي كانت هناك أنظمة «عاقلة» ومثقفين «موهبين» قادرين على الحفاظ على الحد الأدنى من «الاحترام» والمعقولية فى «الطرح» و فى مستوى
