الحب لا يتغير وإن تغير الزمان...
ابن زيدون ووَلَّادة.
نشر في 16 غشت 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
لا يعرف الحبُّ معيار الزمن، ولا مُضِيَّ الأعمار!
هذا الشاعر العظيم ابنُ زيدون -رحمه الله- قد خرج من قرطبةَ مجبراً، تاركاً قلبَه فيها... ولم يعد إلا وقد غيَّره الزمانُ وولادةَ كما غيَّر من بيده مقاليد الأمور حينها، فصار السيدُ مسودا!!!
وكذلك أزالت المشيبةُ آثارَ الشبيبةِ؛ فأذهبت صورتَها، ولم يبقَ إلا جوهرها...
قلبان قد تغيَّر مظهرُ صاحبيهما، وبقي هو هو مخبرهما،
نار تتأجج كما لو اشتعلت من يومها فهي تحرق بعد سنين كما كانت تحرق يوم اشتعلت.
وتكبَّد -رحمه الله- أعباء الذهاب إلى منزل ولادة، تاركا عصاه التي يعتمد عليها، اعتمادا على قوة القلب،،، على عصا الحب....
وما زالت روحُه روحَ صبي في جسم شيخ، وما زال يذكر لهوهما، ولا يذكر من صورتها إلا صورة هذا القمر الفضي، على رأسه تاجٌ من ذهب!
ولكن المرأة لا تزال مرأة مهما طال الزمن؛ إذ لا يزيدها الزمانُ إلا حُمقا، كما يزيد الرجلَ حُكما.
تنظر إلى الأمور نظرة السذاجة والبله، فلا تراها إلا عجوزا تفكر بعقل طفلة!
ترفض لقاءه على طول تَشَوُّفٍ واشتياق؛ لئلا يرى تاج الذهب قد استحال إلى تاج من فضة بيضاء، والقمر الناصع قد بدا عليه شيء من صدأ العمر الذي لا يُجلى، ولكن....
لكل زمان شأنُه، ولكل عقل فكرُه، ولكل سن حكمُه؛ فما كان يُطلَبُ من المرأة في شبابها، لا يطلب في شيبها، ويطلب منها في شيبها ما يناسب سنها، ونسيت بسذاجة المرأة ورقتها وخفة عقلها أنَّ ابنَ زيدون قد غيَّر منه الزمان بقدر ما غيَّر منها، فلم تعد عينُه العينَ التي كان يراها بها، كما لم تعد هي الصورةَ التي كان يراها بها....
أبت أن تقابله وفي قلبيهما نااااار قد عمل الزمان على تأريثها عملَه في شكلهما... وما أوجعَ المشتاقَ بعد طول اشتياق ألا يصيبه إلا لُمَامَةٌ، ويا ليتها لُمَامَةٌ! وكفى بها لُمَامَةً إن كانت....
إنه الحب، لا يتغير بزيادة الأعمار!