جبهة البوليساريو … وذكريات الطفولة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

جبهة البوليساريو … وذكريات الطفولة

  نشر في 24 ماي 2023  وآخر تعديل بتاريخ 14 يوليوز 2023 .

جبهة البوليساريو … وذكريات الطفولة:

بالرغم من أن أسرتنا الكريمة إنتقلت في نهاية سبعينات القرن الماضي من مسقط رأسي كرمة الجمال بشمال السودان لمدينة أمدرمان، وكنت قد تجاوزت حينها سن التاسعة بقليل، إلا أن كثيراً من أحداث تلك الأيام النضرات ما زالت عالقة بذهني. ومن تلك الأيام الخوالي التي أتذكرها عندما كنا نذهب لمنزل عمنا عثمان جزولي - رحمه الله - لكي نشاهد الأخبار في تلفازهم الذي كان التلفاز الوحيد بمدينتنا. كنا أنا وأخي الأكبر د. علي زمراوي لا نفهم ما يذيعه مذيع الأخبار، بيد أننا كنا نذهب لنمارس هوايتنا المفضلة آنذاك و هي عد عدد الأوراق التي كان المذيعين يقرأون منها الأخبار، كان دائماً كما هي العادة إلى الآن يذيع الأخبار إثنين من المذيعين، وكان كل مذيع يقرأ كل خبر من ورقة مستقلة، ثم يضع تلك الورقة جانباً، لم نكن نفهم جل ما نسمعه بطبيعة أن اللغة العربية كانت لغة غريبة علينا آنذاك، إلا أننا كنا أنا وأخي الأكبر د. علي زمراوي "نكاوي"(1) بعضنا البعض إذا كان عدد الأوراق التي قرأ منها المذيع الذي كان يحسب له أكثر من أوراق المذيع الذي كان يحسب له شقيقه، حيث أننا قبل بداية إذاعة الأخبار كان كل واحد منا يختار المذيع الذي سيحسب عدد الأوراق التي سيذيع منها. وكنا أيضاً قد أدمنا مشاهدة مباريات كرة القدم على التلفاز بمنزل عمنا عثمان جزولي- رحمه الله - والذي كان يظهر عليه كل شئ باللون الأسود والأبيض، فكان أخي الأكبر يختار فريق كرة القدم الذي يظهر على شاشة التلفاز باللون الأبيض، وكنت أنا أشجع الفريق الذي يظهر باللون الأسود، إلا أنه في تصفيات مباريات كأس العالم لعام ١٩٧٨م، كنا قد إتفقنا على تشجيع فريق الأرجنتين - والذي كان قد فاز بتلك البطولة - وذلك لأننا كنا منبهرين بطول شعر لاعبي فريق الأرجنتين والذي كان أنعم وأطول من شعر نساء كرمة اللاتي كن قد تعودن حينها على إستعمال زيت "الكركار" و "الودك" لتنعيم شعورهن، ولكن هيهات لهن أن يصل جمال شعورهن ونعومته لمثل جمال ونعومة شعر لاعبي فريق الأرجنتين آنذاك.

وكما ذكرت من قبل بأن اللغة العربية آنذاك بكرمة الحبيبة، بل وبالبلاد النوبية بأسرها كنا نحسبها وكأنها لغة دخيلة علينا، ومن ما أذكر من تلك الأيام الخوالي أن الأخبار التي كانت كثيراً ما ترد على شاشة التلفاز كانت حول حرب "البوليساريو" والتي لم نكن نفهم ما كان يذيعه مذيعي الأخبار من تفاصيل تلك الحرب لضعفنا في فهم اللغة العربية التي تذاع بها الأخبار بتلفزيون السودان.

ثم تمر الأيام والسنون، وبعد مرور أكثر من أربعين عاماً على تلك الأحداث يقرر صاحبنا الرحيل من بلاد العم سام للعيش ببلاد شنقيط من أجل حفظ القرآن الكريم هو وأبناؤه، وكعادته يبدأ صاحبنا بجمع أكثر ما يمكن جمعه من معلومات عن بلاد شنقيط وما جاورها، فيقع صاحبنا في حب بلاد شنقيط التي تعتبر معظم مدنها جامعات صحراوية وقلاع لحفظ كتاب الله الكريم، ويتيم صاحبنا بأهل شنقيط الذي تجمعهم محبة ومودة خاصة بأهل السودان، فيدب بقلب صاحبنا مشاعر وأحاسيس تجاه بلاد شنقيط فيحس وكأنما هو عائد لوطنه الأول السودان.

أحب بلادي لا تباع ولا تشرى

وأعشق فيها الرمل والصخر والبحرا


أنا وطني شنقيط هلا عرفتني

سليل إباء الضيم في هذه الصحرا

وبعدما درس صاحبنا طبيعة بلاد شنقيط من تاريخ وثقافة وأدب وسياسة، يتزكر صاحبنا أيام سماعه لتلك الكلمة "البوليساريو" في طفولته، فتحمله ماكينة بحث قوقل واليوتوب لتلك البلد التي تنازع عليها المملكة المغربية ودولة الصحراء الغربية التي نادت وحاربت من أجل إستقلاله لسنوات عديدة، وكان من نتاج تلكم الحروب خسائر تقدر بعشرين ألف نفس منفوسة ذهقت أرواحها من الطرفين.

والمؤلم في وطننا العربي أن كل الحروب الحدودية بين كل دولتين متجاورتين كان سببها المستعمر اللعين نفسه الذي ترك أمر الحدود بين كل بلدين غير محسوم من ما جعلت من هذا حروب وخلافات لا هوادة فيها بين كل بلدين متجاورتين؛ كما ان هذا هو الحال بين المملكة المغربية والصحراء الغربية التي قادت حربها ضد المغرب تحت قيادة جبهة البوليساريو. والشاهد في الأمر أن صراع الصحراء الغربية كان قد نشأ في عام ١٩٧١م حين بدأت مجموعة من الطلبة الصحراويين الشباب في الجامعات المغربية في تنظيم ما أصبح يعرف بالحركة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب. وعندما لم تنجح مخططات تلك المجموعة داخل الجامعات المغربية ولم تجد تأييداً من الدول العربية انتقلت الحركة في نهاية المطاف إلى الصحراء الغربية الخاضعة للسيطرة الإسبانية لبدء تمرد مسلح قامت به جبهة البوليساريو ضد القوات الاستعمارية الإسبانية من عام ١٩٧٣م إلى عام ١٩٧٥م، ثم اعقبتها حرب الصحراء الغربية ضد المغرب والتي دامت لست عشرة سنة في الفترة من عام ١٩٧٥م إلى عام ١٩٩١م، وكانت حدة الصراع قد تصاعدت بعد انسحاب إسبانيا من الصحراء وفقاً لاتفاقية مدريد.

وسبب النزاع من أصله كان قد نشأ بسبب أن حكومة المملكة المغربية لم تهتم إدارياً منذ زمن بعيد بشعوب الصحراء الغربية وكانت قد تركتهم لحكم العشائر الذي كان متعارف بينهم، فلذلك كان الانتماء الوطني لسكان الصحراء ضعيفاً لحكومة جلالة الملك، فلذلك عندما غادر المستعمر الصحراء فضلت القبائل الصحراوية الحكم الذاتي لأراضيها وبسبب ذلك نشأ صراع بين الإخوان ولسنوات عديدة زهقت فيها أرواح عديدة، صراع لم أرى حسنة واحدة فيه أفادت الشعبين غير تلك الحادثة الطريفة التي جعلتني أضحك من اعماق قلبي وهو حادثة ارجاع حرس الحدود لدولة الصحراء الغربية لتلك الشاحنة التي كانت في طريقها لموريتانيا ولكنها كانت قد رسمت خارطة المغرب وهي تحتوى الصحراء الغربية كجزء منها، فأرجعوا تلك الشاحنة وطلبوا من سائقها العودة ورسم الحدود بين البلدين على الخارطة التي على الشاحنة ثم العودة مرة اخرى لعبور الحدود.

ولا أدري لماذا نتمسك نحن المسلمون بتلك الحدود التي وضعها المستعمر؛ ونترك الحدود الجغرافية التي وضعها المولى عز وجل في قوله تعالى: (وَهُوَ ٱلَّذِى جَعَلَكُمْ خَلَٰٓئِفَ ٱلْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍۢ دَرَجَٰتٍۢ لِّيَبْلُوَكُمْ فِى مَآ ءَاتَىٰكُمْ ۗ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ ٱلْعِقَابِ وَإِنَّهُۥ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌۢ)، فالمولى عز وجل جعلنا نحن المسلمون خلفاءه في الأرض كلها ولم يحد لنا حدود، ولذلك لابد للمسلم ان يكون لديه شعور بالانتماء لكل شبر على وجه هذه البسيطة وأننا نحن المسلمون أحق بكل هذه الارض من غيرنا. كما انه علينا ان لا ننسى ان الله سبحانه وتعالى عندما خلق آدم عليه السلام أخرجنا كلنا من ظهره، فاخذنا العهد والميثاق عنده سبحانه وتعالى ان نعبده ونكون خلفاءه في الارض، فلما نقضنا العهد وكرهنا الموت وأصبح أكبر همنا الدنيا، تداعت علينا الأمم كما تداعى الأكلة الى قصعتها، وفرقت بيننا ونحن نلهث وراء تلك الحضارة المادية التي دانت للغرب الكافر، وتناسينا ان نتربى ونربي الأجيال القادمة على الحضارة الروحانية والتي هي أبقى لنا في آخرتنا، والتي توجب علينا حق الأخوة الاسلامية وحق وحدة المسلمين مع بعضهم البعض فأصبحنا بذلك مستعمرون فكرياً من جانب الغرب من ما أدى بنا لإهمال جانب رابط العقيدة الحارة التي جعلت من بلال الحبشي رضي الله عنه سيدا كما إن أبو بكر الصديق رضي الله عنه كان سيدا وبذلك أحس ابن الخطاب رضي الله عنه عندما علق قائلاً عندما أعتق الصديق بلالا فقال: سيدنا أعتق سيدنا. كما أن تلك الأخوة الصادقة النابعة من العقيدة الحارة هي التي جعلت موسى بن نصير العربي يضع يده على يد طارق بن زياد الأمازيغي وبتضافر جهود العرب والأمازيغ فتحوا بلاد الأندلس التي حكمها المسلمون لمدة ٨٠٥ سنة.

أما رابط العروبة والانتماءات الاقليمية والقبلية فهي تعد روابط أوهى من خيط العنكبوت مقارنة برابطة العقيدة الحارة الجياشة. وأذكر ونحن زغب صغار بالمرحلة الابتدائية كنا قد درسنا مقرر الجغرافيا في قسمين، جغرافيا الوطن الصغير ودرسنا فيه جفرافيا وطننا المكلوم السودان وجغرافيا الوطن الكبير ودرسنا فيه جغرافيا الوطن العربي، وذلك لأن توجه حكومة السودان وقتها كان عروبياً اشتراكياً، فنشأ جيلنا - جيل الرئيس نميري رحمه الله - ونحن في أشد الحب لكل دول الوطن الكبير وكان لدينا انتماء وجداني لكل قطر من أقطار الوطن العربي لا يقل عن انتماءنا لوطننا الصغير السودان. وكان حبنا للوطن الكبير لا يقل عن حب الشاعر السوري انس الدغيم للوطن العربي في شعره قائلاً:

قلبي دمشقي ولبنانية عيناي

والحب القديم عراقي


والطين مكي ومصري الهوى

كجمال وادي النيل في الاحداق


إني الفلسطيني حتى العظم

حتى القدس حتى غزة العشاقِ


والروح بين جوانحي يمنية

حيث الندى ومكارم الاخلاقِ


من هال عمان وقهوة مسقط

حملت هذا الحب في الأعماقِ


لي في ذرى مكناس قلب عاشقٌ

رفقاً به يا مغرب الأشواقِ


فيها من الصّومالِ عطرُ أصالةٍ

ومن الجزائرِ عزّةٌ ومراقي


ألبست حب القيروان وشعرها

وتعمدت في ليبيا أوراقي


وقرأت في السودان ألف قصيدةٍ

مكتوبة بمدامع ومآقي


وكنا نعتقد حينها أن العروبة ستوحد الوطن العربي ومن خلالها ستعود دولة الخلافة الاسلامية كما فعل الأولون من قبل؛ وها قد كبرنا ووجدنا أن ما كنا نحلم به في طفولتنا من وحدة عربية غير موجود على ارض الواقع، وها هي الدول العربية تنهش من لحوم بعضها البعض ولا تترك حتى الفتتات الذي يقع من المائدة. وفي الجاهلية الاولى كانت هنالك عروبة من غير اسلام فكان القتل والبغضاء، وفي زمان جاهلية القرن الواحد وعشرون عندما ابتغينا الصلاح في غير سنته صلى الله عليه وسلم عاد القتل والبغضاء والنظرة الاقليمية والقبلية الضيقة في العلاقات بين المسلمين.

يا أمة غفلت عن نهجه ومضت

تهيم من غير لا هدى ولا علمِ


تعيش في ظلــمات التيه دمرها

ضعف الأخوة والإيمان والهممِ


يوم مشـرقة يوم مغربة

تسعى لنيل دواء من ذوي سقمِ


لن تهتـدي أمة في غير منهجه

مهما ارتضت من بديع الرأي والنظمِ


إن أقفــرت بلدة من نور سنته

فطائر السـعد لم يهوي ولم يحمِ


فها هي قلعة العروبة التي كنا نحلم بها في طفولتنا أنها ستوحد العرب وجدناها قلعة من جليد، بل وجدناها أكذوبة كبرى.

وبينما يتقاتل سكان الصحراء الغربية مع أبناء المغرب، فقبل تسعة قرون خرج من تلك الصحراء نفسها قائد فذ ومجاهد لا يشق له غبار يدعى يوسف بن تاشفين ليوحد غرب افريقيا كلها تحت راية (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)، وبمعاونة ابن عمه ابو بكر اللمتوني فقد أسسوا دولة المرابطين التي نشرت الاسلام في ادغال افريقيا واعادت دولة الاسلام بعد سقوطها في ربوع الاندلس، وعندما تساءل أحد الفرنجة وهو متعجباً من شجاعة وبسالة جيش المرابطين الملثمين بارض الاندلس، أتاه الرد شعراً:

قوم لهم شرف العلى من حميرٍ

وإذا انتموا صنهاجةٌ فهُمُوا هُمُوا


لما حووا احراز كل فضيلةٍ

غلب الحياء عليهم فتلثمُوا

فهل يحق لنا نحن مسلمي اليوم ان نعتبر انفسنا خلفاء الله في الأرض وقد خلقنا الله سبحانه وتعالى لعبادته ونشر هذا النور الذي فطرنا الله عليه كما فعل الأولون واتحدوا من اجل ذلك عرباً وأمازيغاً وعرباً وأكراداً فدانت لهم الدنيا من اقصاها لاقصاها، وها نحن نتقاتل من اجل الدنيا وكل يرى الصلاح والاصلاح في النظرة الاقليمية الضيقة والقبلية البغيضة، فما الداعي بالله عليكم لهذه الحرب الطويلة التي زهقت فيها الارواح، ولماذا لا تتحد الصحراء الغربية مع دولة المغرب وتكون جزاً لا يتجزأ منها كما كانت من قبل، فتصبح بذلك المملكة المغربية أقوى بصحراءها وبكل حواضرها، ولكم أعجبني في هذا الأمر قول الزعيم والمفكر والمجاهد علال الفاسي - رحمه الله - في الندوة السياسية من اجل تحرير الصحراء والتي كانت قد عقدت في عام ١٩٧١م إذ قال:

"منذ نشأت وأنا أؤمن بأن وطني يحد جنوباً بالسنغال وشرقاً بالجزائر وغرباً بالمحيط الأطلسي وشمالاً بالبحر الأبيض المتوسط. آمنت بهذا بنفس الشعور الذي يجعل المرء يؤمن بأبيه وأمه وبمدينته التي ولد فيها"

وان كان يحق لشعوب الصحراء ان تستقل بدولة لوحدها، فما الداعي لإخواننا الجزائريون لكي يساندوا جبهة البوليساريو ضد المغرب، وأهل المغرب هم الذين ناصروهم وساندوهم في جهادهم وكفاحهم الطويل ضد الاستعمار الفرنسي حين كانت طلائع الجهاد تنطلق من مدينة وجدة الحدودية بشرق المغرب؛ وأهل المغرب الخيرون هم الذين استضافوا قيادات الجزائر أثناء جهادهم وممن استضافوهم رئيسهم السابق بو ضياف. بل ان أهل المغرب انفسهم هم الذين استضافوا أحد اميز رجالات جهاز المخابرات الذي أسسته ثورة التحرير الجزائرية وهو المناضل مسعود زقار والذي كان يدير مصنع الاسلحة التي كانت تمد الثورة الجزائرية بالسلاح والذخيرة، ذلك المصنع الذي أنقذ ثورة التحرير من أزمة التموين بالسلاح، ومن المعلوم أن الاسم السري الذي كان يحمله المناضل مسعود زقار كان هو اسم "رشيد كازا” المشتق من مدينة “كازابلانكا” المغربية، وهذا الاسم لم يكن اعتباطياً، بل هو نتيجة احتكاكه بنخب مغربية وتحركه الدائم داخل الأراضي المغربية من أجل تأمين السلاح لثورة التحرير الجزائرية، وكان على رأس هؤلاء الإمام المجاهد عبد الكريم الخطابي - رحمه الله - الذي مكنه من إقامة مصنع للسلاح على قطعة أرض وهبها للثورة الجزائرية. والمغاربة انفسهم هم الذين سمحوا للمناضل مسعود زقار أيضاً من إنشاء أول إذاعة جزائرية لدعم الثورة من مدينة الناضور المغربية. ثم هل ينسى أهل الإنصاف من الشعب الجزائري الموقف العلني للعاهل المغربي محمد الخامس من القضية الجزائرية عندما ألقى العاهل المغربي ذلك الخطاب التاريخي في يوم ١٥ سبتمبر ١٩٥٦م بمدينة وجدة الحدودية، والذي تناول فيه معاناة شعوب المغرب العربي من السياسة الاستعمارية الفرنسية، مركزاً في خطابه على معاناة الشعب الجزائري، وأكد على ضرورة إيجاد حل سلمي وعادل للقضية الجزائرية، وأن مستقبل الجزائر يدخل ضمن إطار وحدة المغرب العربي. بل إن مساندة المغاربة لأشقائهم الجزائريين له تاريخ طويل منذ بداية الاستعمار الفرنسي للجزائر في عام ١٨٣٠م، وأبرز حركات المقاومة الجزائرية للاستعمار الفرنسي كانت تلك التي قادها الأمير عبد القادر الجزائري والتي دامت لخمسة عشر عاماً ضد المحتلّ، وفي خضم ذلك لم يجد الأمير عبد القادر الجزائري من عزوة وسند إلا في أشقائه المغاربة. فهل يعقل بعد كل هذا الكرم المغربي ان يعلن الرئيس الجزائري أحمد بن بلة حرباً على المغرب بعد نيل الجزائر إستقلالها مباشرة فيما سميت آنذاك بحرب الرمال لخلافهم مع المغرب حول الأحقية بمدينة تندوف الحدودية. أهكذا يكون رد الجميل أيها الاخوة الجزائريون (فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ).

وها نحن نعيش الآن في القرن الواحد والعشرون بعد أن ظهرت معظم علامات الساعة، ولقد حذرنا المولى عز وجل من قرب الساعة قبل خمسة عشر قرناً في كتابه الكريم إذ قال: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ) وبعد فشل كل حلول الارض من حل مشكلات البشرية؛ فعلينا العودة لحلول السماء، فقد جاء الدور للاسلام لقيادة البشرية، ونبي الرحمة صلى الله عليه وسلم كان قد بشرنا من قبل بعودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة قبل قيام الساعة، فما دورنا نحن المسلمون في انقاذ البشرية؟ فهل سنتحد يوماً ما تحت راية العقيدة الصافية ونضع أيدينا فوق بعضنا البعض ونعد العدة وتكن مسيرتنا الخضراء القادمة لفتح بيت المقدس؟، أم أنه سينطبق علينا قوله تعالى: (وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم)؟

ان على كل مسلم ان يعلم ان ما يحمله من نور في قلبه هو السبيل لوحدة المسلمين وايقاف الحروب التي بينهم، بل هو السبيل لانقاذ البشرية جميعهم و ان هذا النور الذي في قلوبنا هو الذي نستطيع ان نبدد به ظلام الرأسمالية والشيوعية والليبرالية وكل حلول البشر القاصرة، وليحمل كل مسلم هم الاسلام فوق عاتقه وليعلم ان الرابط الكبير الذي يربط بيننا هو رابط الاخوة الاسلامية وليس رابط اللغة والارض فقط؛ ولنترك هذه الانقسامات ليربط بيننا رابط هذا الدين الحنيف بعد ان نتربى على عقيدته الصافية، ثم لابد لنا من أن نسير على خطى السلف وننشر هذا الدين القيم في ارجاء المعمورة، كما نشره الأولون المكرمون ولسان حال كل واحد منا يقول:

أنا الموزع في أوجاع خارطة

تمتد حتى إلى أن لا يظل مدى


هناك عند حدود الصين أزرعني قمحاً

ليأكلني في الغرب من فقدا


قلبي مشاع لكل النازلين به

كأنه والد الدنيا وما ولدا


لو أن طفلة بأقصى الأرض قد بكيت

سئلت عنها وذابت أضلعي كمدا


فإن مددت يدا نحوي لتقتلني

كففت عنك لنحيا سالمين يدا


قسمت قلبي على مليار مئذنة

فحيث ما أذنت أجزاءه سجدا


م. حسن زمراوي محمد

خريبكة - المملكة المغربية

الجمعة ٢٦ أغسطس ٢٠٢٢م

‏IbnZumrawi@gmail.com



  • 1

   نشر في 24 ماي 2023  وآخر تعديل بتاريخ 14 يوليوز 2023 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا