أنماط سلوكية لا تتوافق مع مرجعيتنا القيمية
(وسائل التواصل التكنولوجي)
نشر في 29 يونيو 2016 .
يعرف العالم الآن تغيرات كثيرة في مجريات الحياة يمكن اعتبارها طفرات حضارية في مختلف المجالات، ومن بين الأمور التي تطورت بشكل ملحوظ و قفزت قفزة كبيرة إلى الأمام بحيث أخذت أشكالا جديدة واستطاعت تجاوز كل الحدود الجغرافية والأنماط التقليدية هي وسائل التواصل المتعددة، والتي انبثقت منها وسائل التواصل التكنولوجي كالفيسبوك والتويتر والواتساب والأنستغرام...، حيث أنها جعلت المجتمعات متقاربة أكثر من أي وقت مضى، في حين أصبحت روابطها هشة لدرجة عالية، وبزيادة التطور يرتفع مستخدمي هذه الوسائل التواصلية في مجتمعاتنا الإسلامية في الآونة الأخيرة بشكل واضح وليس هذا مُشْكِلاً، بل المعضلة تكمن في سوء تسخير هذه الوسائل أمام اتساع نطاق تأثيرها المباشر في ثقافة الأفراد وسلوكاتهم واتجاهاتهم.
ومن هنا يمكن أن نتساءل؛ إلى أي حد تعكس وسائل التواصل التكنولوجي وما تحمله طبيعة وحقيقة سلوك المستخدمين لها على أرض الواقع ؟
إن استخدام وسائل التواصل التكنولوجي بات أمرا ضروريا لدى الجيل الحالي على اعتبار أنها اللغة العصرية المتداولة فيما بينهم، وبالرغم من أن شبكات التواصل هذه لها جوانب إيجابية إلا أن لها أثر سلبي خطير، وبعيدا عن الدراسات السوسيولوجية سأقوم بعرض أهم ما يظهر لي من أنماط سلوكية هادمة، والتي تأتي نتيجة سوء استخدام وسائل التواصل التكنولوجي المنتشرة :
- توليد مجتمعات تحمل سلوكات سلبية مؤشرة على نهج نوع من القطيعة مع التقاليد والخصوصية الثقافية وتجاوز ما تسمح به قيمنا وعاداتنا الأصيلة.
- الهروب من التعامل المباشر بين الأفراد، وقلة القيام الزيارات واللقاءات العائلية، واستبدالها بالرسائل القصيرة عبر وسائل التواصل التكنولوجي.
- تفكك نسيج الحياة الاجتماعية؛ تطويق أفراد الأسرة بجدارات العزلة، حيث انفرد كل منهم منكباً على ما يتصفحه في العالم الافتراضي فتنقص فرص التفاعل والتواصل داخل الأسرة.
- الغرق في الحوارات مع أصدقاء أو افتراضيين، وكذا إقامة علاقات مختلفة معهم، بعضها جاد ومفيد، وبعضها لأغراض التسلية وغيرها.
- بطء قابلية الفرد على قبول قيم المجتمع، وثوابت الدين مما يسمح بحلول قيم مستخدمي وسائل التواصل التكنولوجي بدلها.
- الاستغراق في استعمال وسائل التواصل الإلكتروني قد يتسبب في أمراض نفسية مثل: الاكتئاب وحب العزلة والانطوائية.
- تدمير العلاقة الزوجية بفعل إهمال طرف للآخر وعدم التحدث معه أو حتى عدم إبداء أي اهتمام للحوار معه بالاعتزال مع وسائل التواصل التكنولوجي مما يثير الغضب ويولد مشاكل وغيرة ومشاعر سلبية تجاه الآخر.
- الاستخدام المفرط لوسائل التواصل التكنولوجي يمكن أن يتسبب بالفوضى في العلاقات العاطفية.
- التجرد من معاني الإنسانية بحيث بات الهم الكبير هو سرعة التصوير والنشر، سواء أكان حادثا أو جنازة أو عزاء أو مشكلة ما، فتجد الفرد يقف في موضع المتفرجً على الحدث بدل المساعدة التي قد تغير أشياء كثيرة.
- المساهمة بشكل كبير في بروز من يتصنعون المثالية الزائفة، فتجدهم يختفون تحت رداءها ويقولون ما لا يفعلون، ربما تكون تلك السلوكات ناجمة عن مشاكل نفسية يعانون منها أو عن قصور في الجوانب الاجتماعية فيحاولون إكمال ذلك النقص الحاصل لديهم بهذه المثاليات الزائفة ويعيشون حياة التناقض والانفصام بعيدا عن الواقع والمنطق.
- وهم المعرفة هو الطاغي في هذا العالم الافتراضي، فالكل أصبح فيه يفهم في كل شيء.
هذا ما أستحضره آنيا وتظل هذه الأنماط السلوكية التي ذكرت مجرد غيض من فيض، في إنتظار تخصيص دراسة عميقة ودقيقة لها.
وفي الأخير لا أحد منا ينكر أن وسائل التواصل التكنولوجي قدمت لنا إمتيازات كثيرة ، فقد أضحت جزئا من حياتنا الإجتماعية بتغلغلها في نسيجنا الاجتماعي، في المقابل نجد أنها ساهمت وبشكل كبير في استيراد نماذج من السلوكات التي لا تتفق مع ثقافة المجتمع الاسلامي، كما أنها سرقت من حياتنا أجمل المعاني الإنسانية وأعمقها، وغيبت الشعور باللحظة، هذا ما جعل كثيرا من الأمور تفقد رونقها وتتجرد من حقيقتها.
-
أمين أمكاحكاتب مهتم بالشأن التربوي، وبالمواضيع ذات الصلة بكل ما يتعلق بتطوير الذات والبنية الفكرية.
التعليقات
- ضياع الكثيييير من الوقت.
- إفساد الأفكار أو تلويثها خاصة لصغار السن أو الفئة الناشئة من المراهقين.
- التقليد والتبعية لكل ما يُرى عبر المواقع الاجتماعية ورغبتنا في فعل ما نرى - نظن - أن الجميع يفعله.
مقال جيد شكرًا لمجهودك.