جرائم شنيعة و مجازر مريعة ترتكب كل يوم بل كل ساعة، في كل بقاع العالم ، لكن ما أن يكتشف أن الجاني ذو "خلفية اسلامية" حتى تُعنوَن القضية باسم الارهاب وتوجّه الأنظار نحو مسلمي العالم ، أنظارٌ مغزاها أنظُروا الى أبناء جلدتكم القتلة الهمجيين، أهذا ما يدعو اليه دينكم ؟!! و ككل مرة، المسلمون ملزمون بردة فعل دفاعية ، فيكونون أول و أشد المستنكرين ، محاولين جاهدا التبرؤ من الجاني و أفعاله ، تماما كأمٍ "صالحة" تتبرأ من أفعال ابن "عاق" بحسرة و حرقة و خجل.
الى متى ستظل صورة الاسلام معرضة للتشويه ، من طرف من يدّعون الانتساب اليه ، في ظل عالم جعل معجمُه الارهاب قرينا لمفرد الاسلام ، حتى باتت الصورة الذهنية لكلمة ارهابي لذى الأغلبية العظمى على شاكلة رجل مكفهر الملامح ،مقطب الجبين، أشعث اللحية ، مسلم بدون أدنى شك !!
على ذكر المعجم ، لغويا الارهاب هو كل فعل لا انساني يرهب الناس ، ينشر الخوف والفزع في النفوس و يبدد الاحساس بالأمن و الطمأنينة ... و أنا أتمعن هذا، مر أمامي شريط لظواهر تستحق لقب الارهاب بامتياز، لكن مرتكبيها أنيقون ، بشوشون ، لا يملكون رشاشة و لا يرتدون حزاما ناسفا !
فالإرهابي كل مروج للمخدرات ، يزرع الرعب في نفوس الأسر، رعب يدفع الامهات خلسةً وكل مساء لشنّ حملات تفتيشية على أغراض أبنائها، بقلب يرجف و لسان يدعو أن لا تجد أثرا لطعم سيجذب فلذة كبدها نحو بحر الضياع ، نحو عالم الادمان ...
الارهابي كل ذئب بشري جعل الفتيات و النساء تنتفضن فزعا كلما لمحن عينا ترقبهن أو أحسسن خطى تتعقبهن ...
الارهابي كل صاحب منصب ، يخدم مصالحه و مصالح المقربين لا المحتاجين، ليعزز بذلك أكذوبة خدمة الصالح العام و ينسف بذلك كل أمل للتغيير و الرقي بشعوب تغلغل الخوف و اليأس فيها حتى النخاع ...
الارهابي كل اعلامي فاسد يزور الحقائق و يخلق الفتنة...
الارهابي كل داعية مضلل يلوي أعناق النصوص ليشعل نيران الحروب ...
الارهابي كل شخص مغيب الضمير منعدم الانسانية زرع الفزع و اليأس في النفوس ، بقصفه أجسادا و عقولا أو حتى أرواحا، فالقتل ليس دائما اراقة للدماء و حقوق الانسان لا يمكن اختزالها في حق الحياة.
ترويج المخدرات ، الاغتصاب ، الفساد السياسي ، الاقصاء الاجتماعي، التضليل الاعلامي و الديني ... والقائمة لازالت طويلة جدا. كل هذا يدخل في اطار "الارهاب الخفي" و كل هذا يستلزم المكافحة الجدية، و من يدري ؟ ربما يفضي ذلك الى الحد من نشأة وتكاثر المخلوقات الارهابية بمفهومها الحالي، ربما ...