المساء الليلة ساحراً.. جلست أتأمل لحظات فراغي الماضية وجدت أن لحظات الفراغ  ما هي إلا ضجيج ممل للأفكار المترامية علي حدود العقل ...

وأن لمثلي لا يحلو  سوي الارهاق الجسدي ..فاللإرهاق العقلي منهكاً والفراغ فتيلة الإشعال لكثرة الفكر ..

أما الإرهاق الجسدي فيعني الراحة الحقيقية  .. موت وقتي لأية أفكار و الخروج من مشاكل الحياة والهروب منها إلي عالم بعيد جدا ..عالم اللاإدراك...

أتذكر ليالي الامتياز حينما كنت أملُ سريعاً من أيام عطلتي عن العمل وأتشوق لقاءَ لأيام العمل ..برغم ما كنت أكابده من إزعاج متصل وإرهاق بدني.. فلا أكاد أجلس إلا للحظات قلائل وأنا أقابل المرضي علي إختلاف شكائلهم ...

ولكني كنت أحب هذا الشعور وهذا الشقاء اللذان  يعيداني بآخر الليل أو أول النهار علي حسب توقيت عملي  مرهقة وبشدة ..

فأترك بجواري فنجان الشاي الذي أحبه وأذهب في  نوماً عميقاً جداً كأنني من أهل الكهف ..فأستيقظ فأجد بأنه قد مر الوقت كأنما ساعاتي قد توقفت عند تلك اللحظة التي قد خطفني بها النوم بينما العالم من حولي قد تغير كثيراً ...

 الآن لحظات الفراغ الطويلة قد أصابتني كثيراً بالملل والإحباط .. فأدركت بأن لمثلي لم تُخلق الراحة و لا الرفاهية ..

لمثلي سيبقي في دائرة لا منتهية من حب العمل والكد ..والطموح والتطلع والصبر والكفاح ...

علمت أن الحياة لا تجدي من دون شقاء وأن الراحة المستمرة نقمة وأن الفراغ قاتل وبشدة ...

وفي عمق تفكيري وبينما أستمع لبعض آيات القرآن الكريم صادفتني تلك الآية .. ولقد خلقنا الإنسان في كبد ...

نعم وصدقاً لقد وجدت راحتي النفسية في معمعة الحياة وفي عز الشقاء وفي دوامة الحياة الطبيعية ...

فلولا منغصات الحياة اليومية لما أدركنا طعم الراحة.. ولولا الصخب لما أدركنا معني الهدوء ولولا الشتاء ما أدركنا قيمة الصيف ...

الآن توشك أجازتي الطويلة علي الإنتهاء واقترب العمل الحقيقي الذي هو وتيرة لا تنتهي من الشقاء واللاراحة الأبدية ...

تذكرت كل تلك المشاعر وأنا أستعد لإنهاء عطلتي الطويلة و أعُد أشيائى وثيابي كي أغادر قريباً ...

أنا علي موعد مع القاهرة الجميلة  .. ومع نسمات ليلها الدافئة .. وعلي موعد مع  نيلها الساحر الذي يغيرني بمجرد اختلاس النظر إليه كأنه من عالم آخر ...

الحمد لله حمداً كثيراً علي كوني إمرأة عاملة وعلي كوني طبيبة وإنها لمن أعظم مهن الوجود ...

ومع موعد مع أحلام أخريات أنتظرها وتنتظرني.. ومع بادرة أمل ستولد بنهاية تموز.. وقد حان الوقت ....

بقلمي: إيمان فايد

طبيبة بشرية

الإثنين: 12 يوليو 2021