أحد الأفلام التي شاهدتها مؤخرا هو فيلم "Les Choristes".. وأحببت أن أكتب قليلاً عن الأشياء التي أضافها إليّ هذا الفيلم وعن المشاعر الإنسانية العميقة التي أثارها..
طبعًا بالنسبة للأصدقاء الذين لا يعرفون الفيلم سأحاول قدر المستطاع عدم قول ما قد يفسد عليكم المشاهدة ويحرق الأحداث.. ولهذا فأنا لن أكتب لا عن الشخصيات ولا عن القصة بل بالأحرى عن فلسفة الفيلم.
وسط محيط يطغو عليه البؤس مليء بحيوات أولادٍ بعيدون كل البعد عن أنفسهم وعمّا يمكن تسميته "طفولة".. وصل بهم فقر العواطف لديهم للحدّ الذي أكسبهم قلوبًا تبدو للوهلة الأولى ميّتة وغير قابلة لأن تُزهر.. اكتسبوا الكثير من العادات السيّئة نظرًا للظروف التي جمعتهم في مكانٍ لا يمكن الرؤية من خلاله إلاّ عبر عيونٍ سوداويّة.
تحت هذا الواقع البائق المجرّد من تفاصيل الطفولة.. يتمّ الإشارة إلى بعض الأفكار والأسئلة من نوع :
أيّ ماءٍ سحرّيّ له ان يروي تلك القلوب الصغيرة ويعيد لها ما ضاع منها؟
ماهو الشيء الذي يجب تحريكه داخل هذه الصدور حتى لا يستمرّ غرقهم في الشقاء النفسي؟
كيف يمكن للحب أن يتغلّب على الكراهية في معركةٍ خاسرة منذ البداية؟
ببساطة الفيلم يجيب على هذه الأسئلة ويركّز جدا جدا على استخراج ما هو جميل ومدفون داخل النفس البشرية تحت ركام الجهل وأنقاض الدناءة.
وشخصيّا أعتقد أن الفيلم تعمّد طرح أسئلة صعبة ومباشرة قد تجعل المشاهد يتساءل وربّما حتى يكره بعض الشخصيات في البداية.. لكن أعود وأقول أن فلسفة الفيلم الرئيسية تتوجّه مباشرةً نحو الكراهية (وهي ردّة الفعل الأولى المتوقّعة من المشاهد) لأنّ الرسالة الأولى التي تمّ العمل عليها لإيصالها هي الغوص داخل الروح المظلمة وإخراج العواطف التي تجعل الإنسان يعيش حياةً سعيدة.
إحدى الأشياء التي لفتت انتباهي أيضًا هي القدرة الخارقة والسرمديّة على رؤية الجمال حتى في عالم تحكمه قوانين الأذى والانتقام.. قدرات كهذه يا أصدقاء مُعدية بطريقةٍ ما.. يمكن أن ينتقل شيءٌ منها إلى المشاهد.. وهذا ما حدث معي.
فماذا أضاف إليّ هذا الفيلم؟ الإجابة هي أنه مرّن عضلة رؤية الجمال لديّ.
بالنسبة لمن شاهدوا الفيلم .. ما رأيكم فيه؟ وبالنسبة للآخرين أنصحكم برؤيته وأتمنى لكم مشاهدة ممتعة.