أهم سؤال في حياتك !! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

أهم سؤال في حياتك !!

مارك مانسون

  نشر في 21 مارس 2015 .

الكل يريد أشياء رائعة في الحياة ..

الكل يريد أن يعيش حياة سهلة وسعيدة وخالية من الهموم ..

الكل يريد أن يقع في الحب، وأن يتمتع بعلاقة زوجية رائعة ..

الكل يريد النجاح والمال والشهرة والإحترام  ..

الكل يريد أن يكون مذهلاً لتلك الدرجة التي ينقسم الناس أمامه كالبحر الاحمر عندما يخطو نحوهم..

الكل يرغب بذلك - وليس هناك أسهل من  الرغبة.

عندما أسألك "ماذا تريد من الحياة؟ " وتقول شيئاً مثل "أريد أن أكون سعيداً وأن يكون لدي عائلة رائعة وعمل أحبه" فلم تقل شيئاً جديداً بل مكرراً لدرجة أنه لم يعد يعني أي شيء.

لكن، هنالك سؤال أكثر إثارة، سؤال من المحتمل أنك لم تفكر به من قبل: "ماهو الألم الذي تريده في حياتك؟" ما الشيء الذي ترغب في الكفاح من أجله؟ الإجابة على ذلك تلعب دوراً مهماً في كيف ستكون حياتنا.

الكل يريد عملاً رائعاً واستقلالاً مادياً - لكن الأغلبية لاتريد معاناة ساعات كثيرة من العمل، ولا المسافات الطويلة كل صباح، ولا الأوراق البغيضة، ولا البقاء في مكاتب صغيرة ولا سلم هرمي تعسفي. الناس تريد أن تكون غنية بدون مخاطرة، بدون تضحية، وبلا تأجيل في تراكم الثروة.

الكل يريد علاقة حب ناجحة - لكن ليس الكل مستعداً لخوض المحادثات الصعبة، ولحظات الصمت المحرجة، والمشاعر المجروحة، والدراما النفسية العاطفية - ليصل لما يريد. لذلك يقعدون أخيراً ويتسائلون "ماذا لو؟" لسنوات وسنوات حتى يتحوّل السؤال من "ماذا لو؟ " إلى "هل كان ذلك كل شيء؟". و عندما يذهب المحامين لبيوتهم وشيكات النفقة في صناديق البريد - سيقولون "ماذا كان ذلك؟"، إن لم يكن بسبب معاييرهم المنخفضة وتوقعاتهم قبل ذلك بعشرين سنة، فماذا يكون إذن؟

السعادة تتطلب الكفاح.

في عمق تصرفاتنا البشرية، حاجاتنا متشابهة بشكل أو بآخر. التجارب الايجايية يسهل السيطرة عليها. لكنها التجارب السلبية ما نعاني معها. لذلك، ما نحصل عليه من الحياة لا يقاس بالمشاعر الجيدة التي نرغب بها، لكن بالمشاعر السيئة التي نستطيع الاستمرار معها حتى نصل للمشاعر الجيدة.

الناس تريد أجسام جميلة لكنك لن تحصل على ذلك مالم تقدّر الألم والضغط الجسدي الذي يأتي مع الحياة في داخل النادي، لساعة بعد أخرى، ومالم ترد حساب السعرات الحرارية في الطعام الذي تأكله - حيث تخطط لحياتك في صحن صغير.

الناس تريد أن تبدأ مشاريعها الخاصة أو تصبح مستقلة مادياً. لكنك لن تصبح مسثمراً ناجحاً مالم تجد طريقة لتقدير المخاطرة  والفشل المتكرر والعمل لساعاتٍ بجنون على شيء لا تعلم إن كان سينجح أم لا.

الناس تريد شريك حياة، لكنك لن تحصل على شريك رائع بدون تقدير المشاعر المضطربة التي تأتي مع الرفض، والتسمر أمام هاتفٍ لا يرن مطلقاً. إنها جزء من لعبة الحب ولن تفوز إذا لم تصبر وتطبق قوانينها.

مايحدد نجاحك ليس "ما تريد أن تستمتع به" بل "ماهو الألم الذي تستطيع تحمله؟". فنوعية الحياة لا تُحدد بنوعية تجاربك الإيجابية لكن بنوعية تجاربك السلبية. وأن تصبح جيداً في التعامل مع التجارب السلبية  يعني أنك تتعامل بشكل جيد مع الحياة.

هنالك الكثير من النصائح السخيفة مثل " يجب أن تريد ماتريد بشكلٍ كاف"

كل شخص يريد شيئاً،وكل شخص يريد شيئاً بشكلٍ كاف. هم فقط لايعون مايريدونه أو بالأحرى لايعون مايريدونه بشكلٍ "كاف".

لأنك إذا كنت تريد عوائد شيء في الحياة، فيجب عليك أن تكون مستعداً لدفع الثمن. فإذا كنت تريد جسم البحر الجذاب، فيجب أن تريد العرق والألم والصباح المبكر ومشاعر الجوع. وإذا كنت تريد اليخت، فيجب أن تريد العمل لساعات متأخرة، والمخاطرة، واحتمالية إغضاب شخص أو مئات الأشخاص.

إذا وجدت نفسك راغباً في شيء لشهر بعد شهر، سنة بعد سنة، ولايحدث شيء، ولا تقترب منه مطلقاً، فربما ما تريده في الواقع ليس إلا خيالاً. وربما أن ماتريده ليس هو ماتريده، أنت تستمتع فقط بالرغبة في الأشياء. وربما أنك لاتريده أساساً.

في بعض الأحيان اسأل الناس "كيف تختارون الكفاح؟" فيميلون رؤوسهم وينظرون إلي كشخص باثني عشر أنفاً. لكني اسأل لأن ذلك يخبرني الكثير عنك أكثر من رغباتك وأمنياتك. لأنه يجب أن تختار شيئاً.

لايمكن أن تكون حياتك خالية من الألم، لايمكن أن تكون كلها ربيعاً وأزهاراً. وفي نهاية المطاف ذلك هو السؤال الصعب الذي يهم. فالمتعة مسألة سهلة وكلنا إلى حدً كبير نملك إجابات ممثالة. لكن السؤال الأهم هو الألم. ماهو الألم الذي تريد تحمله؟

الجواب على ذلك سيأخذك في الواقع إلى مكان ما. إنه السؤال الذي يمكنه أن يغير حياتك - هو مايميزني أنا وما يميزك أنت.

بالنسبة لمعظم مرحلتي المراهقة والشباب، تخيلت كوني موسيقياً - نجم روك بالتحديد. عندما أسمع أي أغنية غيتار أقوم مباشرةً بإغلاق عيني وأتخيل نفسي أعزف على خشبة المسرح على صرخات الحشود حيث يفقد الناس عقولهم وهم يستمعون إلى عزف أناملي. هذا الخيال قد يحتلُّني لساعات وقتها. استمر معي هذا التخيل خلال الجامعة، وحتى بعد أن تركت مدرسة الموسيقى وأيضاً عندما توقفت عن العزف بجدية. حتى في ذلك الحين لم أكن أشك أبداً بأني سأعزف أمام حشود صارخة، لكن متى!. كنت أنتظر تلك اللحظة لتأتي قبل أن أتمكن من استثمار الكمية المناسبة من الوقت والجهد للخروج والعمل. في البداية كنت بحاجة لإنهاء المدرسة ثم احتجت لجمع المال ثم احتجت لإيجاد الوقت .. ثم .. ثم .. لاشيء.

على الرغم من تلك التخيلات التي دامت لأكثر من نصف حياتي، إلا أنها لم تصبح واقعاً قط. وأضعت الكثير من الوقت و مررت بالكثير من التجارب السلبية حتى عرفت أخيراً لماذا: لأني لم أكن أريد ذلك فعلاً.

كنت واقعاً في الغرام مع النتيجة - صورتي وأنا على المسرح، والناس يهتفون لي، وأنا بحماس وبكل مشاعري أعزف على الأوتار - لكني لم أكن في غرام مع العمل. ولهذا السبب، فشلت مراراً وتكراراً. يا إلهي، أنا حتى لم أبذل أي جهد حتى أفشل . أنا بالكاد حاولت أساساً.

الجهد اليومي في التدريب، ومحاولات البحث عن مجموعة للبروفات، ومحاولات جذب الناس للحضور أو الإهتمام من الأساس. ثم إصلاح الأوتار المقطوعة  وحمل 40 باوند من المعدات ذهاباً وإياباً للتدريب من دون سيارة. إنه جبل من الاحلام ومسافة ميل للتسلق للقمة. وما أخذ مني وقت طويل لأكتشفه هو أنني لم أحب التسلق كثيراً. كنت أحب تخيل القمة فقط.


ثقافتنا تخبرني بطريقة ما بأني إنهزامي أو فاشل. وبرامج التنمية تقول بأني لم أكن متحمساً ومصمماً بشكلٍ كاف، أو انني لم اؤمن بنفسي بشكلٍ كاف. وجماهير ريادة الأعمال سيقولون بأنني كنت جباناً وتخليت عن حلمي وسلمته لظروف مجتمعي التقليدية. وسينصحوني بالمشاركة في دورات التنمية البشرية وبرامج التطوير والثقة بالنفس.

لكن الحقيقة هي أقل إثارة من كل ذلك: لقد اعتقدت أنني أريد شيئاً، لكن بدا لي أنني لم أفعل - هذه هي القصة.

لقد أردت الجائزة ولم أرد الكفاح. أردت النتيجة ولم أرد العمل. والحياة لاتعمل بتلك الطريقة.

أنت عبارة عن مجموعة من القيم التي تريد الكفاح من أجلها. من يستمتع بالكفاح والألم سيصل بلاشك لمايريد.

هذا ليس نداءً لتقوية الإرادة، وليس عتاباً أيضاً. هذا من أبسط أساسيات الحياة: كفاحنا هو مايحدد نجاحنا. لذلك اختر كفاحك بعناية، ياصديقي.

 


مترجم بتصرّف: The Most Important Question Of Your Life - Mark Manson




  • 36

   نشر في 21 مارس 2015 .

التعليقات

في منتهى الجمال و الروعة .. تلك الكلمات مثل المنبه حقا توقظ بداخلنا الكثير من الاشياء .. و تجعلنا نعيد التفكير في طموحاتنا و اهدافنا ...شكرا جزيلا .. ابدعت حقا
0
شكرا لك ليعلم شبابنا كل شيئ بالتخطيط الجيد، شكرا لك استاذنا الفاضل
0
Heba Hamdy منذ 8 سنة
مقالاتك المترجمة رائعة ومختارة بعناية أيضا .. شكرا لك دكتور علي ..
0
Nabila Chorfi منذ 8 سنة
حقا على قدر ما تريد ستضحي..
0
لميا عباس منذ 8 سنة
أجل أحسنت طبعا و للأسى و الشقاء و التعب درجات و أنواع فمن المجهود المذموم الذي يسبب الدوران و التيهان إلى المحمود و النافع و في الطريق اهتزازات بين الهاوية و الذروة و يظل الله ولي التوفيق....أشكرك
0
محمد بليح منذ 8 سنة
كفاحنا هو مايحدد نجاحنا. لذلك اختر كفاحك بعناية .. وتعايش مع ألامك وعانق الحياة لتأخذك كما أرادت، ولا تنسى أن تدعوا رب الحياة بأن يدبر لك أمرك فأنت لا تحسن التدبير.
0
yahia zemmit منذ 9 سنة
مقال اكثر من رائع
0
ابو البراء منذ 9 سنة
ابدعت سيدي شكرا لك
0
darbaoui imad منذ 9 سنة
بالفعل مقال جميل يدشن لفكر جديد في التعاطي مع الواقع المعاش اشكرك عزيزي علي على هذا الطرح الرائع مزيدا من التألق
0
علي الزهراني
شكراً لك، والقادم أجمل إن شاء الله.
سعدية احمد منذ 9 سنة
راااااائع بمعنی الكلمة.. شكرا لك لنقلك هذا النوع من الفكر الذي نادرا ما نجده بمجتمعنا
1
علي الزهراني
شكراً لك سعدية، أسعدتني كلماتك.

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا