من المتفق علية أن الإنسان يكون في أوج عزيمته وصحته في مرحلة الشباب ثم تبدأ في التضاؤل شيئا فشيء بمرور الوقت وهو في طريقة إلى مرحلة الكهولة تليها الشيخوخة، ومن ثم نجد أن تلك الحقيقة تحتم على كل شاب استغلال شبابة ووقته في تحقيق ما يبغى من أهداف ومنجزات حتى يكون في وضع جيد أثناء مروره بالفئات العمرية التي تلى الشباب، ولكن لو نظرنا اليوم إلى شبابنا نجد معظمه لا يفكر في هذا الأمر، بل يفكر في كيفية الإسهاب في شغل وقتة بأي شيء سلبى لمجرد قضاء الوقت، ولعل المشكلة في ذلك تكمن في أن الشاب يواجه ضغوطا يشعر بعدم قدرته على مجابهتها فيلجئ إلى الهروب من واقعة عن طريق بعض المسكنات التي سريعا ما يزول مفعولها.

عقبات كبرى:

   ومن أهم هذه العقبات نجد عدم منح الشباب للقيم التربوية اللازمة التي تساعده على أن يكون مواطنًا صالحا وعضوا فاعلا في المجتمع والمسؤول عن ذلك هي المؤسسات التعليمية والأسرة والإعلام أيضا، والتقصير في ذلك يجعل الشاب عاجزا أمام مراحل حياته التالية التي تقابله لضعف خبرته وثقافته فيقع بعضهم في الفشل في بداية حياتهم ولا يكون عندهم الوعى الكافي للتفاعل مع الحياة.

    كما يمثل العائق الاقتصادي في ظل الظروف المجتمعية التي تمر بها غالبية الدول العربية عقبة كبيرة وشائكة وتحطيمها لا يكون قريب المدى؛ وذلك لأن الشاب في مقتبل العمر تكون له متطلبات وحاجات كثيرة ويشعر بالضغوط المادية في ذلك الوقت أكثر من أي وقت سبق، وفى ظل تدهور سوق العمل وعدم إتاحة الفرص للشباب في الوظائف المناسبة يخيب آمال الكثير من الشباب وذلك لأن سلاحهم الرئيس في الارتقاء بوضعهم الاقتصادي هو العمل.

    وفى ظل ذلك تتعدد المغريات التي تجذب الشباب الفارين من الواقع واليائس من الحياة، ومن أمثلة هذه المغريات الإنترنت، ولا أقصد بذلك الاستخدام الإيجابي له بل السلبى الذي يلهى الشباب الذين لا يملكون الوعى لاستخدامه بما يعود عليهم بالإيجاب وتمثل وسائل التواصل الاجتماعي ملاذ جيد للهاربين من الواقع أيضا، كما يعد التدخين بكل أنواعه والمخدرات والملاهي الليلية إلخ ... من المغريات التي يقع فيها الشباب.

وللتخلص من تلك العقبات وإزاحتها هناك بعض الطرق التي تساعد على ذلك:

    بالنسبة للتنشئة الاجتماعية والقيمية التي يخضع لها الشاب نتيجة تأثره بتربيته يستطيع الشاب في هذه المرحلة أن ينقِّح أفكاره ويتخلص من كل ما هو خاطئ ويترك ما هو صحيح وهى عملية تصفية ذهنية وقيمية وثقافية .

    أما عن المشكلة الاقتصادية فينبغي على الشاب ألا يكتفى بشهادته الأكاديمية والثقافة التي أضفاها له التعليم، بل علية أن ينمى ذاته ويرفع من درجاته العلمية وثقافته ويتحقق ذلك عن طريق الدورات العلمية التي تنمى المهارات الحياتية وتعلم اللغات الأجنبية والتعامل مع الحاسب الآلي وعلوم التنمية البشرية، ومن ناحية أخرى يمكنه اللجوء إلى عمل الدراسات العليا لتطوير شهادته الجامعية مما ينعكس على الشاب بالإيجاب الذي يجعل توفر فرصة عمل له أمر سهل.

   والهاربون من الواقع فأقول لهم: إن الهروب سيستمر فترة وجيزة إلى أن تجد الوحش الذى تواجهه قد تفحل، وسيكون من الصعب عليك مواجهته لأنك ستكون قد خارت قواك وآمالك وطموحاتك ومر العمر، وشبابك الذى تضيّعه هو نعمة من الله عز وجل منحك إياها فلابد أن تقدّر قيمتها جيدا حتى يتثنى لك العيش حياة مستقرة وسعيدة وآمنة وأختم كلامي بمقولة حكيمة لـ "جيمس آلان" (أنت اليوم حيث أوصلتك أفكارك وستكون غدا حيث أخذتك أفكارك)..