إعتقدنا لسنين بأنّ كلّ ما نعيشه..قدر لا بدّ لنا من الخضوع و الإستسلام له ..أفهمونا بأنّ الرّضا بكل ما نختبر من أحزان و آلام و تضييق في الرّزق..دليل إيمان و تقوى..
مع إيماننا بأنّ الواسع إسم من أسماء الله الحسنى..أصبحنا لا نفهم هذا التّناقض بين هذا الإسم العظيم و بين ما يحدث لنا من تضييق في شتّى أنواع الرّزق..طبعا للرّزق أنواع كثيرة..
فالصحة و العلم و الذرية..أرزاق .حاولنا أن نصبر و نرضى لما يحدث لناو لكن..
إن كذبنا على النّاس جميعا فلن نكذب على أنفسنا..كان هناك تناقض جليّ بين كوننا لسنا سعداء بواقعنا و مع ذلك كان بجب علينا أن نصبر..و لم يولّد هذا التّناقض سوى الحزن و الألم و الدموع..
و يأتي تيّار جديد من العلماء ..زادهم الله نورا ليكونوا شعلة أمل لنا..جاءوا ليسلّطوا الضوء على مفهوم القدر الحقيقي..لا الذي ترسّخ في أذهاننا منذ سنين..
فمن النّاس من يلوم نفسه على جرأتها لمحاولة تحقيق أهدافها لأنّها نسيت بأنّ القدر مكتوب..
و يد سافرت إلى بلاد جيوبها و حزنت لقلّة مالها ثمّ قالت مقدّرُ مكتوب..
و هناك من يقول أمشي على كفّ القدر فمتى سيُصحّح وضعي المقلوب و يعدّل قسوة الأيّام..
نحن حقّا نمشى على كفّ القدر .. و لكن ما فهمناه الآن هو أنّ للقدر مساحات و درجات يمكن أن نتنقّل بينها و نبقى مع ذلك ضمن قدر الله..فمن قدر ضيّق إلى قدر أوسع..
فإذا ضيّق الله عليك رزقك أيّا كان نوعه فهذا لا يعني أنّه يريد أن يُحبطك أو يُحزنك..
بل ليُحفّزك و يدفعك لتسعى أكثر فأنت في المكان الخطأ بأفكار خطأ..
يريد منك أن تصحّح مسارك و يوسّع لك الآفاق..أليس هو الواسع؟؟
لا تتحجّج بالقدر فهو مشروب طاقة و ليس حقنة تخذير..هو تحفيز للنّفس لتتخلّى عن العجز و الكسل
فلنكفّْ عن إسقاط ضعفنا و قلّة حيلتنا و علمنا ..على القدر.. فهو يمكن أن يضيق و لكنه لا ينغلق أبدا
فإذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت فلا تقل مقدّر مكتوب..بل قل أين الخلل؟أو ما هي رسالة الله إليّ
و كيف السّبيل إلى تغيير ما أنا فيه؟؟و ستُفتح لك الآفاق ..فافتح بصرك و بصيرتك..
فكّر و اسْعَ و اجتهد لتتنقّل من قدر قد ضاق عليك إلى قدر أوسع..
لقد فهم عمر بن الخطاب ذلك ..فلقد سافر من المدينة قاصدا الشّام و عند حدوده قيل له بأن الطاعون قد إنتشر هناك فقرّر الرّجوع من حيث أتى فقيل له يا أمير المؤمنين أتفرّ من قدر الله ؟؟قال نعم أفرّ من قدر الله إلى قدر الله..
ألم يقل الرسول الكريم :المؤمن القويّ خير و أحب عند الله من المؤمن الضعيف
هذا هو المؤمن الذي يحبّه الله ..الذي يسعى في مناكب الأرض و يفتح لنفسه آفاقا جديدة ليغيّر حاضره وواقعه..
الآن فقط فهمنا معنى الرّضا الحقيقي ..فشتّان بين رضا بواقعي الحالي مع مشاعر إيجابية و صبر جميل ومع حركة و سعي للتّغيير.. و إنتظار الفرج .. و رضا ظاهره صبر و لكنّه في الواقع هو مجرّد استسلام لواقع مرير مع حزن و قعود و اتّهام للقدر..
يقول عطاء الله السكندري :من ظنّ إنفكاك قدره عن لطفه فذلك لقصور نظره..فقدر الله مُفعم باللطف..
و يقول مصطفى صادق الرافعي :حين ينجح الإنسان يقول فعلت و فعلت و حين يفشل يقول القدر و يسكت..
فلنعش بإسم الله الواسع ..و لنفتح أبواب بصائرنا و قلوبنا..
التعليقات
فعلا التضييق في الرزق لا يجب أن يكون دافعا لإحباط بقدر ما يجب أن يدفع الفرد للبحث و تصحيح المسار و توسيع للإدراك و الأفاق
بورك مجهودك ونفع الله بك الأمة .
همسة ...
لا تنسي الصلاة والسلام بعد ذكر اسم الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم .