على وشك الانتهاء من أخر جزء تم نشره من تقرير لجنة اجرنات الاسرائلية التى قامت بالتحقيق فى ملابسات قيام حرب أكتوبر ، ومن قبل قرأت وكتبت سلسلة مقالات عن شهادات الجنرالات موشي ديان(وزير الدفاع)، و دافيد أليعازر(رئيس الأركان)، و إيلي زعيرا(رئيس المخابرات العسكرية "أمان") ، و بنيامين بليد(قائد الطيران) وأهارون ياريف(مساعد رئيس الأركان ورئيس الاستخبارات العسكرية وقت حرب يونيو67) ، وكذلك شهادات الوزراء السياسيين مثل مائير(رئيسة الوزراء)، و ايبان(وزير الخارجية) و ألون(نائب رئيس الوزراء) وجاليلى(وزير الاعلام).
وفى كل ما قرأته كان يثور سؤال هام تطرحه لجنة التحقيق على جميع من استجوبتهم من السياسيين والعسكريين، الوزراء والجنرالات: كيف فوجئت إسرائيل بقيام الحرب فى يوم السادس من أكتوبر؟
كيف فوجئت رغم أنها كانت «ترى» بوضوح و«تسمع» بعمق كل ما يدل على ذهاب مصر وسوريا للحرب.
«فخطط» الجيشين لديها، و«مصادرها»(ومنهم أشرف مروان وغيره كما هو مذكور فى كافة الشهادات) «يؤكدون» لها أن الحرب ستقوم ، بل أنهم «حددوا» لها موعد قيام الحرب، كما أنها بوسائلها «ترصد» بالفعل الاستعدادات والتحركات للقوات على الجبهتين، ثم أنها أنها «تتسمع» على القيادات العسكرية فى الجيشين المصرى والسورى.
فكيف قوجئت إذن القيادة السياسية والعسكرية بالحرب كما تقول وتتعجب لجنة التحقيق بقيادة القاضى"شمعون أجرنات"؟
وكانت تأتينى الاجابة من ذلك اللقاء الذى دار بين الزعيم جمال عبد الناصر والقادة الجدد الذين اختارهم لإعادة بناء القوات المسلحة من جديد لدراسة ما حدث وسماع شهادات قادة العدو عن حرب يونيو67.
ويومها قال ذلك العراف العسكرى الذى سبقت بصيرته حدود البصر للجميع الفريق "عبد المنعم رياض" للزعيم "جمال عبد الناصر":
«سيادة الرئيس .. أظن أننى اكتشفت موضع ضعفهم الذى سنصطادهم و نهاجمهم منه .. إنه "الغرور" سيادة الرئيس».
وهذا هو ما حدث بالضبط فى حرب أكتوبر ١٩٧٣، «فغرور» القيادة العسكرية فى قيادة جيش العدو منعتهم من رؤية الخطر(العربي) حينما تحرك من هضبة الجولان و الضفة الشرقية للقناة وضق بكفيه الاثنين وليس بكف واحدة الباب عليهم فى أماكنهم وهم جالسين.
وكان ذلك ما رأه الفريق رياض ببصيرته قبل أن يشاهده ببصره حينما قال للأستاذ محمد حسنين هيكل وهم يمشون ذات يوم في الغابات المحيطة بقصر' زيدوفا' قرب موسكو ـ يقول ما مؤداه:
«أن المعركة القادمة ـ مهما كانت حدود ميدان القتال ـ ليست معركة العودة إلي' سيناء' أو' الجولان' وإنما هي معركة المستقبل' ويضيف:' إنها ليست معركة في المكان المحدود وإنما معركة في الزمان غير المحدود».
رحم الله الفريق عبد المنعم رياض وكافة شهداء الأمة فى طريق النضال.