الوحدة... تجربة مؤلمة أم فرصة ملهمة
نشر في 14 أبريل 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
لربما شعرت بالوحدة في فترة من فترات حياتك ولربما لم تشعر بها قط!! الوحدة رفيق الإنسان الدائم في رحلته عبر هذا الكون المطلق فقد يظن البعض بأن الوحدة شيءٌ بغيض ويفرون منه فرار الغزال أمام السبع، لكن هل سألوا أنفسهم _اولئك الفارون_ هل كانوا في بطون أمهاتهم فرادى أم جمعا، هل من سبقنا إلى العالم الآخر دُفنوا في باطن الأرض فرادى أم جمعا، هل يستطيع كائنا من كان أن يشعر بما تتألم ويضيق صدرك به كما تشعر به أنت.
هي الوحدة يا صديقي ظلك الحقيقي حين تخر كل الظلال المزيفه خاوية على عروشها، عروش العائلة والأصدقاء والزملاء، ما الوحدة إلا شبحاً لطيفاً يوصلك لمشارف الحياة ويستلمك عند خط النهاية وهو بين النقطتين أقرب إليك من اقرب شخص.
ولكن لماذا؟؟ لماذا نكره الوحدة ونخاف الاختلاء بأنفسنا، هل نختبئ من أمر خبأناه في أعماق ماضينا ونخاف أن يُظهر نفسه على مسرح أيامنا، هل نحن متوجسون من مستقبل غامض نتصوره عابساً مدلهماً، هل نستنجد بمن حولنا لكي يخلقوا حالةً من الضوضاء حول هوامش انفسنا التي خلقنا لها و خلقت لنا، نعم إنها الحقيقه وهي كما هو الدارج _الحقيقة القاتلة_
هذا هو سبب ضياعنا وتشتتنا وانفصالنا عن رسالتنا، هي النفس متى ما اتصلت بها وتواصلت معها أعطتك من خيراتها ونعيمها ومدتك بحبلٍ خفيٍّ من الأُنس والسلام.. تصالح معها واغفر لها ماضيها وزلاتها، صادقها تنجو في الدنيا والآخرة، هي الباقية وأنت الفاني.. جسدك، خوفك، آلامك، آمالك كلها فانية وتبقى نفسك مستمرةٌ على مرّ الدهور والايام وكما قال تعالى{ كل نفسٍ ذائقة الموت} هي ستتذوقه ولن تتجرعه، من يتجرع الموت هو المادة وأما النفس فليست بمادة بل هي نظام طاقوي هائل ومستودع أنوار وظلمات لا يعلم بها الا الله.
ولعله يسأل سائل هل الوحدة هي الحل؟ هل الانفصال عن المجتمع والعيش في قوقعةٍ حلزونها أنت هو الحل؟ ويكون الجواب قطعاً لا.. ليست الوحدة هي ما يتصور الأعم الأغلب عن حالةٍ من القطيعة مع المجتمع بل هي حالة من الاستماع للنفس والتحاور معها بعيدا عن الفوضى والضوضاء والأجهزة التي ملأت بيوتنا وجيوبنا، هي عزلة أهل الكهف الذين رأوا في العزلة نجاة من الكفر فكانت رحمة وعلواً في الدنيا والآخرة حيث قال جلّ من قائل:{ واذ اعتزلتموهم وما يعبدون الا الله فأووا الى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته} وهي عزلة ليست ببعيدة عن عزلة سيدنا ابراهيم عليه السلام حين اعتزل المشركين فأتته البشرى والكرامةحيث قال تعالى في محكم تنزيله:{ فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له اسحاق ويعقوب وكلّاً جعلنا نبيا}، هي وحدة تتقارب من وحدة سيدتنا مريم العذراء حيث قال تعالى:{ واذكر في الكتاب مريم اذ انتبذت من اهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجاب} وما كانت المكافأة {قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكيا} فتعالوا أيها الأخوة نأخذ فاصلاً نملؤه بخلوةٍ حقيقية مع ذواتنا علنا نجدها فتجدنا ونسعد بها سعادةً تؤهلنا للارتقاء بها والعروج بكنهها نحو السعادة الأبدية.
-
Husaam Tumahرجلٌ يبصر النور ك طيف سرابٍ في صحراء العطش، يطارده عله يقتبس منه ما يروي عتمته، يصارع طواحين الجهل والشر والشهوة التي ما فتئت تقيء في بحر نفسه فتمزجه بماءٍ آسن.. يغلبها فتغلبه، يهدمها فتعيد تشكيل صورتها ملمعةً نضرة.. طريق ...