والآن.. قررت أن أتكلم
رحلة الأنثى المصرية اليومية في شوارع المحروسة
نشر في 20 يناير 2016 .
اليوم قررت أن أنزل إلى الشارع لشراء بعد الاحتياجات، ونظرا لأني من سكان أحدى المحافظات المصرية، فلابد أن أكون ملتزمة بردائي، الذي في الأغلب لا يعجب كثيرا والدي ووالدتي، ودخلت في صدمات عديدة حتى أصل إلى هذا الزي، الذي يروقني.
أنا مرتدية الحجاب، ولكن بنكهة مصرية، والحقيقة أن الحجاب أو عدمه لن يحميك من أي مضايقات قد تتعرضي لها يوميا، لمجرد كونك أنثى تعيش في هذة البلد البائسة.
قبل أمس كان الاعتداء لفظي، وكنا نحن الإناث لا نركز في تلك المهاترات، فهى مجرد عبارات تلقى من كل جانب، وعلى رأي المثل "الكلمة مبتلزقيش".
أما أمس واليوم الوضع أخذ منحنى أكثر عداوة وقسوة، من الاعتداء باليد وأحيانا أشياء آخرى، يتعفف لساني عن ذكرها.
رحلة نون النسوة في الشارع المصري محفوفة بالمخاطر، ففي بلد يصل تعداد سكانها إلى 90 مليون نسمة، تحتل المراكز الأولى في التحرش الجنسي، وآخر الدراسات أوضحت أن مصر من أسوء المناطق التي من الممكن أن تحيا فيها المرأة، فلابد أنها تواجه الكثير من المعاناة.
بل أوضحت آخر الدراسات أن من بين ثلاث بنات مصريات، تتعرضت واحدة فيهن لحالة تحرش جنسي.
كأغلب الفتيات المصريات، واجهت الكثير من تلك الحالات المشابه، نظرا لظروف سفري ودراستي في جامعة تبعد مئات الأميال عن مكان سكن أسرتي، تعرضت لذلك من فئات عمرية مختلفة، من الشائب ذو السبعين، والطفل ذو العشر سنوات، إذا فارتكاب هذه الجريمة غير مرتبط بسن ولا بعقلية دون سواها.
نعم فهى جريمة، تتهاضي السرقة بل أظن أنها أعظم، فهى تعدي على الغير في أغلى ما يملك، في جسده ودون موافقة منه، شعور بالانكسار والهزيمة والضعف، فحتى أكثر خصوصياتك أصبحت مستباحه.
وإن قررت المواجهة وطلبت العون ممن حولها، تفأجا باللامبالة، وعدم الإكتراث، بل أن البعض يوبخونها بقولهم "يا بنتي دا راجل قد أبوكي.. طب أخد منك حاجة..الحمد الله جات بسيطة"، والأهل يخشوا من الفضحية، وكيف أن تحرر محضر في واقعة مثل تلكو"هنودي وشنا من الناس فين"، فيكون الحل بالصمت وكتم قصصها داخل قلبها، والإقفال عليه بالضبة والمفتاح، فلا تعود للحديث والشكوى مرة آخرى.
ماذا حدث لنا؟ ولماذا تغيرت أخلاقنا لهذا الدنو؟ كيف لجار أن يتحرش بجارته؟ أين أخلاق "ولاد المنطقة الجدعان"؟
فالجدعنة والرجولة والشهامة ذهبت بلا عودة!
-
Rahma Daighamلا تتسرع في الحكم علي يا صديقي.. فما زالت أعافر وأتعلم