في مواقف كثيرة و أنت تصارع الحياة، و أنت لم تجد نفسك بعد، ستشعر بالرغبة في البكاء، في الصراخ، ستشعر بالخوف، بالدهشة، بالثقل، بأنك مكبل اليدين، بأنه لا حيلة لك، بأنك تفقد صبرك، بأن لا أحدا يفهمك تماما، بأن الأيام تسترسل بسرعة كبيرة. ستفكر في أنه لا قيمة لوجودك، أن اسمك مجرد اسم وسط الأسماء، ستشعر أنك عبء على العالم، و أن العالم بكل ما فيه من وسائل الترفيه غير قادر على إسعادك. و أنت لم تجد نفسك بعد، ضائع، و صغير، صغير جدا، كإبرة في كومة قش، ستفهم أن البحث عن نفسك أكبر معضلة. و أنك في متاهة الحياة، في غربة و ظلمة لا سبيل إلى النجاة منها بغير قنديل تحمله في قلبك. قلبك بوصلتك، نورك الذي تحدث نفسك به، غزال صغير يكبر مع الأيام و يتعلم كيف يترك خلفه جثمان ما لا ينفعه. ستفهم أنك وحدك تحمل إجاباتك و وحدك يتحمل مسؤولية الاحتمالات فيها. تتعثر و تنهض. تبكي لتمسح الدموع و تخفيها، تغضب و تثور، لتصل إلى الصلح مع الإجابة في آنها. لا قبل ذاك بلحظة و لا بعدها بلحظة. في الثانية التي تظن فيها أنك فقدت التحكم في زمام الأمور، ينبثق شعاع من النور، تركض خلفه لتمسك به. كدعوة استجيبت، كزهرة تشهد أول ربيعها، تفرح قليلا، و تخاف من أن تفرح. و أنت لم تجد نفسك بعد ستقارن نفسك كثيرا، مع كل عابر أمامك، ستسأل نفسك أين تكمن المشكلة في نفسك؟ و هذا القلب ينبض لأجل من و لماذا ؟ و مع تراكم الأسئلة قد تجد نفسك، في عابر أمامك يحمل إجاباته، في هدوءه المحير. كيف للإنسان أن يكون هادئا و صامتا هكذا، يحمل جبلا على كتفيه و لا يبكي؟ و أنت في حيرتك قد تجد نفسك في طائر أمامك، يكابر، يطير مكسور الجناح، في أشعة الصباح التي أشرقت بعد ليل، في يديك التي لا تريد أن تمدها كما يفعل المتسولون... في ذاتك تجد ذاتك. مكتملا جدا رغم العيوب.
نهيلة أفرج
The painting : I need a guide, by Ji woon Pak
-
Nouhaila Afrejأستاذة و كاتبة مغربية