لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ
اتّهامُ النفسِ بالنفاقِ
نشر في 04 ماي 2019 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
بكلّ أسفٍ وعلى صعيدٍ آخر يفهمُ الكثيرُ منّا معنى النفاق وصفة المنافق فَهمًا خاطِئًا يورِدُ بعزيمتِه أسافِل الأمور، المُنافقُ هو من أظهرَ إيمانه وعمله لله وقلبه لا يؤمنُ باللّٰه، اللفظُ خطير وليس هيّنًا على الإطلاق، ولا يستوي اتهامُ النفسِ بالنفاقِ إلا على نحوِ ما ذكرت وسأردف أسباب توجهي هذا بقيّة الكلام، وقوله (يقولون ما لا يفعلون) لم يتم إرجاعه إلى النفاقِ مطلقًا واختُصر جمعه على كلام الشعراء واكتفوا بوصف من هم قولهم زيّن وقلوبهم جوفاء.
اتّهامُ النفسِ بالنفاقِ على غير حالها الفِعليّة من أعظمِ مداخلِ الشيطان، يوهم فيك نصيحتك لغيرك وزلّةَ نفسِك في أمر هذه النصيحة بأنّها نفاقُ منْ يقولون ما لا يفعلون، وأنت سائرٌ وقد دّاهمك الزللُ، فقد وقعت الآن في طلاسِمِ أهوالِ نفسِك وسوء فَهمِك أغشاك على بصيرةٍ من الشيطان.
فبين كلّ تلك الطلاسِم وعلى أعتابِ هذه البصيرةِ العمياء تتجلّى أعظمُ مداخلِ الشيطان وأعظم مقاصده، اتهامُ النفسِ بالنفاقِ وحقارةُ الاعتبارِ أمامك وأمام نفسِك؛ فيُسهّل عليك بابًا أكبر وأشد خطئًا وهو المجاهرةُ بالذنب؛ ليست هي المجاهرةُ بالذنبِ أمام نفسِك وإنما في صورة التشويه والتحقير من صورتك أمام غيرك، وليست هي المجاهرة بصورتِها المباشرة ولكن في سُبُلِ إرضاء زَعمِ نفسِك المنوطِ بالنقصِ والصدقِ أمام غيرِك، واللّٰهُ أولى منْ نُجاهد أنفُسنا بالصدقِ في سيرنا إليه.
فأنت بهذه الطُرقِ المُلتوية لتشويه صورتِك أمام غيرك قد هتكت سِتر ما كان بينك وبين اللّٰه؛ مُستنفِذًا في ذنبِك بابًا عظيمًا من أهمِ معاول جهادِ النفسِ وهو بابُ الستر، طالما كان الذنبُ بينك وبين اللّٰهِ فهو كالحسنةِ بينك وبينه فكما تتقي العُجبَ بها أمام الناس، تتقي الإصرارَ والرضى به أمام نفسك.
وأفضلُ النصيحةِ التي تحب أن تنصحَ بها غيرَك الدعوةُ إلي الصلاحِ والعملِ به دون ذكر ذنوبٍ قد سترَها اللّٰهُ فيك عن الناس، حتى ولو كنت تفعل وتقع في ذنب ما تنصحُ به غيرك؛ الأمرُ محل أن يّمنعَك الشيطانُ نصيحةَ غيرِك ومنعُ الدعوةِ إلى اللّٰهِ وكُلُّنا دُعاةٌ إلى اللّٰه؛ لأننّا منوطون بالدعوةِ لهذا الدين، وأمرُ أن يُحقّرُك الشيطان أمام نفسك ويُنزِلك منزلة تثبيط ويأسٍ وإحباط وليس أمر نفاقٍ على الإطلاق، هذا هو مقصد الشيطان، تسقط ضعفًا وزللاً فيُسقطك سقوط نفاقٍ ويأس ويُسقِطُ معك داعيَكَ إلي اللّٰهِ، وواللّٰه لو علِمنا لعرَفنا أن تلك هي أولويةُ الشيطانِ في أن يقعدّنّ لنا صِراطَ اللهِ المستقيم.
يا صاح تَفَطّن لمواطِن الشيطانِ، واسأل اللّٰهَ في سيرِك إليه البصيرةَ لمداخِله يُجنّبْك إيّاها، وحقِّر من نفسِك تحقير جهادٍ واجتهاد واحترِم ضعفها فِرارًا وفاقةً إلى اللّٰه، وحادِثها حديث الداعي إلى اللّٰه، وجنّب غيرك ذنبك بإلقاء أمر النصيحةِ إليه إخلاصًا يجنّبك مظنّةَ الرياء.
-
عبدالرحمـٰن علوشهايل
التعليقات
شكرا لك أخي
بينما كان في المقال قوة حجة وبيان وفي نفس الوقت لين أسلوب ولُطف دعوة
جزاك الله خيرًا، وجعلك من الداعين إليه على بصيرة.
احب الصالحين و لست منهم
و اكره من تجارته البضاعة و لو كنا سواء في البضاعة..
النفس الصالحة لا تأمن مكر الشيطان الا انها تبذل اقصي الجهد للوصول الي بر الطاعات لا تعيب علي احد ذنب حتي لا تبتلي بها.. { ادع الي سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة }
الدعاء الي الله يكون باستخدام الاسلوب اللين الحكيم و نشر المواعظ بين الناس فعلا لا يجب ان يهتك الانسان ستره الله وحده اعلم بما تكن سرائرنا اللهم انا نسألك ان تصلح سرائرنا مثل بوادينا و اعنا علي سبيل الصلاح و لا تجعل للشيطان علينا كيدآ.. شكرا علي مقالك الممتاز { و ذكر ان الذكري تنفع المؤمنين } و كل عام و انت و كل امتنا الاسلامية و العربية بالف خير و رمضان كريم تقبل الله منا و منكم صالح الاعمال و اعاننا علي الصيام و القيام و سائر الاعمال و رزقنا الجنة و المغفرة و العتق من النيران تحياتي