حتى الكلاب تحتقر الفقير !
لو كان الفقر رجلاً لقتلته.. (عليّ رضي الله عنه)
نشر في 26 أبريل 2015 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
في رحلة عودتي إلى البيت بعد يوم عمل عادي، مشيت في شارع خلا من الناس إلا قليلا، وخفت ضوءه حتى كاد يقترب من الظلام.. كنت أسير ببطء؛ إذ مرّ بجانبي فجأة كلبٌ بدا متأهبًا لهجوم ما، لوهلة ظننته سيهاجمني وبدأت أرتب خطة الدفاع في أعماق عقلي الباطن، لكنه لم يلتفت إليّ ومضى مسرعًا خلف سهام عينيه التي اتبعتها لأبصر غير بعيد رجلاً قصير القامة في ثياب رثة زادها الضوء الخافت رثاثة، حين دققت النظر عرفت من ملبسه أنه عامل نظافة.
كان الرجل يبدو عليه الإجهاد حيث أسدل ذراعيه في استسلام للإرهاق، وارتخت كتفاه وكأنه لا يقوى على حملهما فوق ظهر يئن من آلام يوم شاق من العمل.
الكلب بدأ في النباح وهو يجري صوب الرجل الذي أصيب بذعر حقيقي حين انتبه للخطر المقترب فانثنى في تلقائية مشوبة بالرعب ليلتقط حجرًا يرد به شر المعتدي.. تراجع الكلب عن الهجوم لكنه ما كف عن النباح وكأنه انتقل من مرحلة الاشتباك إلى توجيه الشتائم بلغته التي لا يفهمها البشر، الرجل استأنف السير وهو يرمق الكلب بنصف عين متعبة خشية معاودة الهجوم، لكن يأتي الشر هذه المرة من حيث لم يحتسب صاحبنا، فقد ظهر من بين طابور سيارات على الجهة الأخرى كلب جديد محاولاً تكرار غارة أخيه، ليعاود الذعر المفاجئ رحلته في أوصال الرجل المنهك الجسد وليصعد ذلك الذعر إلى وجهه راسمًا لوحة اختلط فيها الخوف بمرارة الإحساس بالهوان ..
ربما باغت المسكينَ سؤالٌ، لماذا تهاجمني الكلاب وحدي دون هؤلاء المارة في نفس الشارع؟
وربما تحير عقله في فهم ما يجري .. هل أبدو في نظر «الكلاب» أقل هيبة وأضعف بنية وأدنى حالاً من غيري؟
لماذا حتى الحيوانات تحتقر الفقراء؟
*****
جرت تلك الأحداث في غضون دقيقة أو اثنتين وأنا أرقبها على بعد أمتار؛ الأمر الذي أثار فيّ أشجانًا هي من دفعني لكتابة هذه السطور .. تذكرت أبياتًا لأحد الشعراء يصف فيها حال الأغنياء والفقراء في هذه الدنيا وتعاملها «ببشرها وكلابها» معهم، ومدى المأساة التي تعانيها الإنسانية.
يقول الشاعر:
يمشي الفقير وكل شيء ضده ** والناس تغلق دونه أبوابها
وتراه مبغوضاً وليس بمذنب ** ويرى العداوة لا يرى أسبابها
حتى الكلاب إذا رأت ذا ثروة ** خضعت لديه وحـركت أذنابها
وإذا رأت يومًا فقــيرًا عابرًا ** نبــحت عليه وكشرت أنيابها
نشر في 26 أبريل
2015 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022
.
التعليقات
لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... ! تابعنا على الفيسبوك
مقالات شيقة ننصح بقراءتها !
مقالات مرتبطة بنفس القسم
جلال الرويسي
منذ 7 شهر
ابتسام الضاوي
منذ 7 شهر
مجدى منصور
منذ 7 شهر
Rawan Alamiri
منذ 7 شهر
مجدى منصور
منذ 8 شهر
ما بين التثقيف والتصفيق فى الجمهورية الجديدة!
دائماً ما كانت «الأنظمة» تستخدم «المثقفين» للترويج لأعمالها ومشروعاتها(هذا إن افترضنا أن هذا النظام يمتلك مشروع بالفعل)، ولكن فى الماضي كانت هناك أنظمة «عاقلة» ومثقفين «موهبين» قادرين على الحفاظ على الحد الأدنى من «الاحترام» والمعقولية فى «الطرح» و فى مستوى
ابتسام الضاوي
منذ 9 شهر
مجدى منصور
منذ 10 شهر
محمد خلوقي. Khallouki mhammed
منذ 10 شهر
عبدالرزاق العمودي
منذ 11 شهر