نظرة عن كثب .. كتاب سيكلوجية الحب
أحمد عبده - الشرق للنشر والتوزيع (أكثر الكتب مبيعا)
نشر في 10 ماي 2016 .
بالرغم من أن تعلُّم سيكلوجية الوقوع في الحب قد يساعدك علي فهم أفضل لسبب وقوعك في الحب وسبب حبك لشخص معين يدون أي سبب واضح، فإن معظم الناس تفضل ألا تقرأ في هذا الموضوع وتفضل أن توجِد تفسيرها الخاص لتلك الظاهرة بناء علي المعتقدات الخاطئة التي تكوّنت لديهم.
أي كتاب يتحدث عن السيكلوجيات النفسية كالحب والسعادة والخوف .. الخ اقرأهُ فوراً !
هذا النوع من الكتب يعطيك معلومات دسمة وشيّقة عن الحالة النفسية التي تهتم بها - من منظور علمي بحت قائم علي أقوال العلماء ونظرياتهم النفسية والتحليلية والإحصائيات والأبحاث العلمية ، بعيداً عن كلام الفنانين والروائيين النابع من القلب فقط بشكل أعمي بدون الرجوع إلي العقل.
طبعا لا تنسَ أن تُلقِ نظرة علي المحتوي والفهرس لتتأكد أنه يناسب توقّعاتك !
عندما بدأت أقرأ في الكتاب كنت أقرأه خِلسة ، ذلك أن من حولي اعتادوا علي رؤيتي أطالع الكتب العلمية والفلسفية فقط .. لكن سُرعان ما أدركت أن الكتاب الذي بين يديّ جد قيّم فأصبحت أجاهر بقرأءته وأتحمل تعليقاتهم السخيقة :D
لا معني للتدين العميق بدون هذا الجنون بالله والهوس بذكره والشوق للقائه في محراب العبادة أو في ساحات العمل والجهاد.
فيما يلي أذكر الملاحظات التي أخذتها علي المؤلف:
1- شئٌ غريب لاحظته وهو أن الكاتب كان يكرر الكلام باستمرار .. قد يبدو هذا مملاً لأول وهلة إلا أنه شئ جيد لتثبيت المعلومات وإدراكها بصورة أشمل خصوصاً أن الكتاب يتناول عاطفة الحب من منظور علمي وليس روائي أي أن معظم المعلومات كانت جديدة تماماً.
2- أعجبتني جداً نظرية عالِم النفس الأميريكي روربرت ستيرنبرغ - "نظرية مثلث الحب Triangular Theory Of Love" ، والتي تقترح بأن الحب يتكون من ثلاث زوايا رئيسية هم:
الرغبة ، بمعني الرغبة الجنسية الجسدية
الحميمية ، بمعني التودد إلي المحب والبوح بالأسرار التي يكنّها القلب
الإلتزام ، بمعني الارتباط بالمحب والإقرار بعدم تركه أو التخلي عنه.
ويمكن تفسير أي علاقة وتسميتها بناء علي الزوايا التي تحتويها ، فمثلاً العلاقة التي تحوي الحميمية والإلتزام .. هذه العلاقة قد تكون بين ابن وأمه ، أو الصداقة بين رجل وامرأة.
أما العلاقة التي تحتوي علي الرغبة والحميمية ، فهذ - بتعبير المؤلف - "الحب الهوليودي" وهو الحب الذي نشاهده في الأفلام والمسلسلات باستمرار..
والعلاقة التي تحتوي علي الالتزام فقط نراها في الأزواج اليائسين ، الذين فقدوا الرغبة في بعضهم فأصبح يربطهم الأولاد أو الأموال فقط.
وتقترح النظرية بأن الحب الكامل السويّ يجب أن يحتوي علي الثلاث زوايا (الرغبة ، الحميمية والإلتزام).
علي الأرجع سأكتب عنها مقالاً قريباً.
الحب الحقيقي لا يزال بريّاً ، لم تفلح الحضارة التكنولوجية في تدجينه.
3- جذبني نقدهُ البليغ واللاذع لثقافة تحريم الحب السائدة في المجتمعات العربية عامة والإسلامية خاصة.
إضافة إلي اعتراضه الصريح علي ثقافة انتشار الجنس والعلاقات الحميمية خارج نطاق الزواج - السائدة في المجتمعات اللاشرقية عامة والأوروبية خاصة.
4- لم يعجبني الاستطراد الطويل في موضوع كيف تفكر المرأة بشأن الحب وكيف يفكر الرجل أيضاً ، إضافة إلي النصائح الرائعة - والغير ضرورية - للأباء والأبناء.
5- في افتتاح فصل "لماذا نقع في الحب ؟" ، كتب يقول:
"بعد هذه الملاحظة يمكننا أن نتفهم هذا الترتيب للحاجات علي أنه حاجة عقلية وعلمية ، دون ان نعتبره مفسراً لما يحصل في الواقع وهذه هي معضلة العلم التي لن نجد لها حلاً"
بعد ذلك ببضعة صفحات كتب يقول:
"الحب في الأذهان يناقض الواقع ويتمرد عليه ، ولكنه في العلم صورةٌ من صوره ومشهد من مشاهده"
هنا يتاتي لنا التناقض الواضع بين أفكار المؤلف.
إن الحب هو أن تكون لنا الرغبة في إعطاء ما هو لنا شخصياً لإنسان آخر وأن نشعر بسعادته كما لو كانت سعادتنا. إمانويل سويدنبورج
6- في الفصل "الحب قبل الزواج ضرورة عصرية" ، جاء سرد المؤلف مخالفا تماما للعنوان ، فذكر أن باحثاً يدعي "روبرت أبشتاين" وباحثين آخرين قد انتهوا إلي أن الزواج عن حب لا يلبث أن يُخمِد لوعة الحب ويلقي نهايته بالزواج ، في حين ان الزواج التقليدي يطلق شرارة الحب، والتي تستمر إلي الأبد .. ويدعي بإنهم وجدوا أن نسبة الحب بعد 5 سنوات في الزواج عن حب تكون متساوية تماماً مع نسبة الحب في الزواج التقليدي، وبعد 10 سنوات يصبح الزواج التقليدي ضِعْف - علي حد تعبيره - الزواج عن حب.
وهذا الكلام يشوبه عدة تساؤلات:
1- لم يذكر الكاتب مصدر هذه الإحصائيات.
2- لا يجب الحكم علي مئات الملايين من الأزواج عن طريق إجراء التجارب علي ألف زوج أو عشرة آلاف حتي.
3- المؤلف نفسه انتقد "الحب الهوليودي" الذي يصاحبه الجنس قبل الزواج ، لكن لم يأتِ إلي ذكر الحب الناضج المُحافظ الذي لا يصاحبه أية أفعال جنسية.
4- للأسف الكاتب لم يوضِّح رأيه في الحب قبل الزواج بطريقة صريحة ، لذا قد يكون فهمي لهذا الفصل هو محض خطأ ، خصوصاً أنه ذكر في آخر الفصل:
"وتبقي الحقيقة: "ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون"
مع انه انتقد المشدّدين من رجال الدين الذين يقضون بحرماينة الحب قبل الزواج سواء صاحبه أفعال جنسية أم لا.
علم النفس هو العلم الذي يقول كلام ليعرفه كل الناس بلغة لا يفهمها أحد.
8- رغم أنه لم يتعد الصفحة والنصف في التحدث عن الأبراج إلا أنني لا أعتقد بها ولو قليلاً ، وهذا الاعتقاد نابع عن أدلة قوية في دحض هذه الأمور.
-
محمود ماهرقارئ نَهِم، شَغوف بالعلم، مُصاب بحمّي الكتابة.