من المؤكد أن هناك مواقف ولحظات تحدث في نفسك شرخا يستحيل نسيانه , يجعلك تتلفت يمنة ويسرة علك تجد المسار الصحيح قبل فوات الاوان .

من جميل ما أثار اعجابي ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي في هذه الايام عن قصة ( سارة العربية , سارة الامريكية) كناية عن التحول الجذري الذي حصل لها أي كيف كانت تفكر سارة وكيف أصبحت تفكر, وكيف تلقفها الناس بأن رموا بكل الثقل على المدرسة  والمنشأت التعليمية

وكأنهم أقفلوا جانب وهو الأهم من وجهة نظري بأن الإصلاح يأتي من الداخل أولا.

القصة بإختصار أن هناك أسرة مكونة من أب و أم وفتاة تدعى سارة مثلهم مثل كثير من الأسر العربية التي لم تجد ملاذا إلا بلاد العم سام حيث لحقت سارة هناك بالمرحلة الإعدادية وفوجئت أن درجتها كانت (صفر) بالإمتحان بل وأتهمت بالغش والحرمان من المادة معلقة بذلك ناظرة المدرسة أن الإجابة طبق الأصل من الكتاب . وبعد مجيء والدها بين أن هناك سوء فهم كون أن الفتاة تحفظ المادة عن ظهر قلب , وهنا صعق جميع المسؤولين من تلك الإجابة المبتذلة التي تحمل في طياتها الكثير من قلة الوعي وسوء إستخدام المقدرات العقلية كون أن المادة تفهم ولا تحفظ . المضحك المبكي في الأمر انه تم عمل جلسات نفسية لسارة للتخلص من رهاب الإمتحانات وللتوجيه الصحيح .

قلت : أن سارة محظوظة جدا كون أنها تداركت الأمر من بداية حياتها  ولكن يبقى السؤال الأهم كم من ( سارة ) بيننا اليوم يجد في نفسه حسرة وألم من أن موهبته لم تر النور بعد ولم يحظى بالإهتمام والرعاية الصحيحة ويعتقد كما علمته بيئته أن مستقبله بأكمله يحدده ذلك الرقم الباهت الذي يوضع أمام إسمه في شهادة التخرج .

واذا أردنا بلورة ذلك فنحن نتحدث عن البيئة الإيجابية الصحية التي ما تنفك تدفعك نحو التميز وإخراج أفضل ما لديك , بيئة تشعرك وأنت معهم ان هناك ما يستحق أن تنهض من سريرك لتحقيقه كل يوم .

ومما يعضد ذلك ما ذكر في حادثة نبي الله سليمان عليه السلام مع الهدهد حينما بحث عنه ولم يجده قال ( لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين ...الاية) فالذبح معروف ومن غير المعقول أن نبي مرسل من عند الله يعذب طيرا بضربه أو نتف ريشه مثلا . فما المقصود اذن من الاية !!. قال بعض المفسرين ( أن يضعه مع من هو من غير جنسه ) فتخيل أن يضع ذلك الكائن اللطيف مع مجموعة من الغربان مثلا كيف سيكون حاله . ولاحظ هنا دقة وصف القران الكريم حين شبه البيئة الغير مناسبة بالعذاب الشديد .

ولا يفهم من حديثي هذا أن الخلاص ما هو إلا في الهجرة الى بلاد الغرب كلا فإن ذهبت وانت تحمل نفس الافكار السوداوية واتخذت أناس سلبيين فأنت كمن حكاه نيكوس كازانتزاكيس في روايته الخالدة ( زوربا الوناني )

(عندما قال له صديقه : أنظر لقد أصبحت حرا أخيرا قال : كلا

" كل ما في الأمر أن الحبل المربوط في عنقك أطول قليلا من حبال الاخرين ")

البيئة الصحية على أقل تقدير أن تتخذ أناسا يصنعون من الليمون شرابا حلوا كما قيل , فإن لم تجد فمن الكتب اتخذ صحبة تحادثها وتحادثك , فإن لم تجد فبأفكار إيجابية تتلوها على نفسك صباح مساء وذلك أضعف الايمان . من المهم أن تحوط نفسك بها إحاطة السوار بالمعصم.

ومن العبارات التي ما أفتئ وأتذكرها عبارة رغم بساطة كلماتها وقلة حروفها إلا أنها تحمل في طياتها الكثير والكثير مما يمكن أن يقال ( إذا لم يعجبك مكان وجودك إرحل أنت لست شجرة )

من المهم يا صديقي أن تصنع وطنك بنفسك فالوطن كما قيل : كل شئ من الممكن أن يحتويك , كصباح الخير ممن تحب ...