صباحُ الخير، في حال كونك لم تلحظ ذلك، لقد وُلد لتوه يوم جديد بعد نضال مستمر لأشعة الشمس حيث كان الظلام ثقيلًا موحشًا لكن خيوط الشمس استطاعت – بهمّة ونشاط – أن تتجاوز ظلمة الليل .. وهاهي الأرض تبدأ دورة جديدة حول نفسها وأصبحت الشمس مواجهه لنصف الكرة الأرضية تمامًا حيثُ تقيم أنت لتعلن بذلك بداية يوم جديد، فصباح الخير ..
الصباح مشهدٌ من الجمال الخالص يحتفي به النبات فيشعر بالنور ويتجه إليه و يتجاوب الزهر مع تحية الحياة فيردها بمثلها ويزيد عليها ألوانًا وأشكالًا تنتشي لها نفوس الناظرين والطير يتمايل في أسرابه كأنما يسمع وحده سيمفونية خاصة يعزفها الكون ترحيبًا بالنور كمحبوب طال غيابه، وكان حريٌ بالإنسان أن يشارك في مواكب الترحيب أو - على أقل التقدير- أن يقف مشدوهًا لجمال وإعجاز هذا العرس الصباحي لكن البشر يألفون الجمال إذا تكرر، وآفة الإنسان الإعتياد .
تعتقد أمي أن شهود الإشراق نعمة يختص الله بها الأنقياء، أولئك الذين يستيقظون مع الشمس .. مع انتشار النور في الأرض، الذين يحبون أن يدخلوا في دعاء رسول الله " اللهم بارك لأمتي في بكورها " .. كل صباح، تتذكر أمي أحبابها .. ترسل لهم رسالة قصيرة تتمنى لهم صباحًا جميلا ويومًا طيبًا، فعلامة الود أن نشارك من نحب فيما نعُده جمالاً .
وأنا أحب الصباح لأنها تحبه ولأنه لا يشيخ؛ يمرُ الزمان على نفوسنا فتتبدل، تقترب من النور وتبتعد، ويصبغها بمسحة حزن هادئ يزداد إدراكنا له مع مرور الأيام، بينما يمر الزمن على الصباح فلا يتبدل، يبقى جميلًا مُنعشًا كما خلقه الله، يبقى محملًا برائحة الخبز وابتسامة محببة من وجه عزيز وقبلة وداعية ووطن صغير .
في الصباح كفاية المشتاقين إلى الجمال وسُقيا العطشى إلى إشراق جديد في حياتهم، وأول غيث المضطرين ..في الصباح رَوح وريحان لمن يحمل جنة في صدره ..في الصباح بشرى الصابرين رغم جراحهم المرابطين في ثغورهم .. وحدهم ثبتوا حين أخلد الجميع للأرض ورحلوا، والمرابطون ينادونهم من ورائهم: " يا قومنا، ألم يعدكم ربكم وعدا حسنًا ؟! "
يا فالق الإصباح هذي الروح أعياها الليل الطويل، ترى النور مبثوثًا حولها لكنها لا تبصره، وما كل ما يراه المرء يبصره ! يا فالق الإصباح أنعِم علينا بإشراق يتجدد به ما خفت من نفوسنا، وتستقيم به بصيرتنا فنلمس النور و يملؤنا .
-
Mariam Mostafaنحن نكتب لننتصر ..لأننا أقوى من كل ما نستطيع التعبير عنه فالحروف هي انتصاراتنا المتواضعه على ضعفنا قبل كل شئ