المُخبر.. يسكُن في مكتبتي!
ما أن مددت يدي لالتقاط الكتاب، حتى سمعت...
نشر في 03 أبريل 2022 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
أملك مكتبة صغيرة في غرفتي، تحتوي على عدد لا بأس به من الكتب. كتب متنوعة، في الأدب والشعر والفلسفة والدين والسياسية.
ومكتبتي هي صديقي وأنيسي المخلص الذي يسكن معي ويشاركني غرفتي دون أن أضيق به أو أمَلَّ من صحبته.
بيني وبين كتبي ( أحب هذا التعبير "كتبي" جداً ) علاقة غير مفهومة، وصلة قرابة وطيدة، لدرجة أنني أتبادل الحديث أحياناً - ولست مجنوناً - مع كتبي.
فمثلاً، عندما أعيد قراءة كتاب قرأته من قبل، يستقبلني الكتاب بفرحة كبيرة، لأني على حد قوله فضلته على باقي الكتب، فيقول لي مثلا اشتقت لملمس يديك وأناملك ونظرة عينيك الجميلتان.. يغازلني الكتاب وكأنه يكافئني أو يعبر لي عن امتنانه لأني أعيد قرائته، أي أقدره حق قدره.
وعلى نقيض ذلك، الكتب المهجورة حتى الآن في مكتبتي، والتي لم تسنح الفرصة لقرائتها؛ أجدها تتطلع إليَّ بعيون حاقدة وحانقة عندما أمد يدي لألتقط كتاباً آخر. وتقول بكراهية لذيذة : ومتى سيأتي دورنا يا أبله! لقد تعفنّنا على هذا الرف الكئيب. فأضحك، وأنظر لها بحب، وأقول ربما غداً أو بعد غد، لا أدري، ولكن من المؤكد أن دوركم سيأتي.
ويوماً ما، وجدتني أتطلع إلي هذه الكتب المهجورة، وألوم نفسي على تركها على هذه الحالة، وقد عفّرَها التراب، ونسج عليها عنكبوت متطفل - يسكن معي هو الآخر في غرفتي - خيوطه. كان أغلب هذه الكتب كتباً فكرية وسياسية. وكنت قد مللت قليلاً من قراءة الروايات ودواوين الشعر، وشعرت في قرارة نفسي بحاجةٍ إلي التغيير.
وقفت لدقائق أمام هذا الركن البعيد الهادئ، و الهادئ جداً من الكتب.. أتطلع إلي العناوين، أقرر قراءة هذا الكتاب.. ثم أتراجع عن قراري فالكتاب ذاك يستحق القراءة أكثر، ثم أتراجع عن هذا وذاك.. استمرت هذه العملية التردُّدية ( من التردد ) لدقائق طويلة، إلي أن وقع اختياري أخيراً على سعيد الحظ.
وما أن مددت يدي لالتقاط الكتاب، حتى سمعت سارينة بوليس تُدَوّي في الغرفة، وصوت يهدد : إبعد يدك.. المكان كله محاصر!
.
-
خالد سليمشاعر وكاتب مصري