نظام المقاول الذاتي بالمغرب (الجزء 1) - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

نظام المقاول الذاتي بالمغرب (الجزء 1)

" الواقع والآفاق "

  نشر في 17 أكتوبر 2015  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

   لا يكاد يختلف اثنان من متتبعي الشأن الاقتصادي بالمغرب على كون إطلاق مبادرة "نظام المقاول الذاتي" تعتبر طفرة نوعية وشجاعة في الحياة الاقتصادية الوطنية؛ طال انتظارها، خصوصاً في صفوف الشباب.

صحيح أن المبادرة قبل أن ترى النور بشكل رسمي اكتنفها نقاش مطوّل بين مختلف الفرقاء والمتدخّلين من قطاعات حكومية، مهنيين، مجتمع مدني ومختلف المهتمّين من مكوّنات المجتمع المغربي، بخصوص مقاربة وآليات تنزيلها. إلا أنها رأت الوجود بشكل رسمي منذ المصادقة على القانون رقم 114 – 13 يوم 12 مارس من السنة الجارية. والذي في أولى موادّه عرّف المقاول الذاتي بما يلي:

" يقصد بالمقاول الذاتي في مدلول هذا القانون كل شخص ذاتي يزاول بصفة فردية نشاطا صناعيا أو تجاريا أو حرفيا أو يقدم خدمات، ولا يتجاوز رقم الأعمال السنوي المحصل عليه 500 ألف درهم، إذا كان النشاط الذي يمارسه يندرج ضمن الأنشطة الصناعية أو التجارية أو الحرفية، و200 ألف درهم، إذا كان نشاطه يندرج في إطار تقديم خدمات ".

تبنّت الوزارة المنتدبة لدى وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، المكلّفة بالمقاولات الصغرى وإدماج القطاع غير المهيكل المبادرة بجديّة، تحت إشراف مسؤولها الأول؛ السيد مامون بوهدود، فاتحة بذلك حواراً جدّيّاً هدفه الرئيس إيجاد حلّ أو حلول فعّالة لمعالجة مشكل البطالة بشكل جذري، خصوصاً في صفوف حاملي الشهادات والشهادات العليا من الشباب الذين أصبحوا يشكّلون غصّة في حلق الحكومة، من جهة، وبغية إدماج القطاع غير المهيكل الذي يعاني من سوء التنظيم ويمثّل قطاعاّ حيويّاً تغيب فيه الرؤية التشاركية بين الدولة والفاعلين ضمنه، من جهة أخرى.

من حيث الكم، وباعتبار الهدف الاستراتيجي المنشود؛ تناهز الفئة المُستَهدَفِ ضمّها لنظام المقاول الذاتي ثلاث ملايين ونصف من المواطنين المغاربة والمقيمين المستوفين للشروط المحدّدة في القانون المؤطّر للنظام، والقانونين التنظيميين رقمي 257 – 15 – 2 (ويعنى بتحديد تكوين وكيفيات سير اللجنة الوطنية للمقاول الذاتي) و 258 – 15 – 2 (ويخص تطبيق المواد 5 – 6 و8 من القانون 114 – 13 المتعلّق بالمقاول الذاتي)، المتمِّمين والمفصِّلين لإجراءات تطبيق القانون المؤطر السالف الذّكر، والصادرين في 10 أبريل من السنة الجارية كذلك.

أما من حيث الكيف، فنحن أما مقاربة تشاركية لتنزيل مشروع وطني يشارك في صياغتها متدخّلين كثر، أغلبهم أعضاء اللجنة الوطنية للمقاول الذاتي (كما حدّدته المادة الأولى من القانون التنظيمي رقم: 257 – 15 – 2) التي تترأسها الوزارة المنتدبة الوصية على القطاع، وتتمتّع بالعضويّة فيها القطاعات الحكومية التالية:

• السلطة الحكومية المكلفة بالاقتصاد والمالية.

• السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية.

• السلطة الحكومية المكلفة بالصناعة والتجارة.

• السلطة الحكومية المكلفة بالتكوين المهني.

• السلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل.

• السلطة الحكومية المكلفة بالصحة.

• السلطة الحكومية المكلفة بالنقل والتجهيز.

• السلطة الحكومية المكلفة بالشباب.

• السلطة الحكومية المكلفة بالتضامن والمرأة.

• السلطة الحكومية المكلفة بالسياحة.

• السلطة الحكومية المكلفة بالمعادن.

• السلطة الحكومية المكلفة بالشؤون العامة والحكامة.

• السلطة الحكومية المكلفة بالصناعة التقليدية.

• بنك المغرب.

• مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل.

• وكالة التنمية الاجتماعية.

• الوكالة الوطنية للتأمين الصحي.

• الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات.

• شركة المساهمة بريد المغرب.

• الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

أي ما يناهز 21 متدخّلاً حكوميّاً وشبه حكومي. إذ تتحمّل مسؤولية الكتابة باللّجنة "الوكالة الوطنية للنهوض بالمقاولة الصّغرى والمتوسّطة" (المادة الثالثة من القانون التنظيمي المذكور)، إلى جانب إعداد تقرير سنوي يهمّ حصيلة تطبيق نظام المقاول الذاتي، وعلى وجه التّحديد، حصيلة أنشطتها (اللجنة) وحالة تنفيذ وإنجاز البرامج والأنشطة المتعلّقة بالمقاول الذاتي (المادة السادسة من نفس القانون التنظيمي).

وباعتبارها مبادرة طموحة تهدف إلى تشجيع فئة عريضة، تناهز عُشُر ساكنة البلاد، على تأسيس مقاولاتهم الذاتية بامتيازات قانونية وتسهيلات مسطرية وضريبية تحفيزية، لا يسعنا إلا أن ننوّه بها ونمتنّ لجهود كل المتدخّلين في تصوّر، مناقشة وصياغة هذا المشروع الوطني الطموح.

كما أننا بموازاة تنويهنا بالطّرح العام الذي أتى به نظام المقاول الذاتي؛ نطرح مجموعة من التساؤلات بخصوص آليات التنزيل التدبيري للمشروع، إذ لا زال يكتنفه من الضبابية والهلامية الشيء الكثير.

ونخصّ بالذّكر هنا، النظام الضريبي المطبّق على "المقاول الذاتي". إذ يتعيّن على المرشح للاستفادة من امتيازات هذا النظام القانوني المؤطّر للمبادرات الذاتية في عالم المقاولة، سواءً أ كانت ذات صبغة صناعية، تجارية، حرفية أو خدماتية، أن يتم تسجيله في "السجل الوطني للمقاول الذاتي" بملإ استمارة التسجيل عبر البوابة الإلكترونية المعدة لهذا الغرض، وطبع الطلب وتوقيعه، ثم "التصريح بالتأسيس" لدى تمثيلية المديرية العامة للضرائب بمكان مزاولته لنشاطه، كما تنص على ذلك المادة 148 – V من مدونة الضرائب، وإرفاق الطلب بصورة شخصية ونسخة من بطاقة التعريف الوطنية، أو بطاقة الإقامة بالنسبة للأجانب المقيمين بالبلد.

تستوقفني هنا خطوة "التصريح بالتأسيس" لدى مصلحة الضرائب. إذ من حيث كونه إجراءً مسطرياً للتأسيس وإشعار للدولة بصيغة رسمية بنية المقاول الذاتي في أداء واجباته الضريبية وفق ما تفرضه النصوص القانونية، يعتبر سلوكاً مواطِناً بامتياز. إلاّ أن ما يشوبه شيء من الغموض، في نظري على الأقل، هو كيفية توزيع مبلغ الضريبة المذكورة على عشرات المسميّات الضريبية التي حدّدتها ذات المدوّنة؛ أي هل الضريبة المحددة في % 1 من رقم معاملات المقاول الذاتي المزاول لنشاط صناعي، تجاري أو حرفي (و % 2 من رقم معاملاته إذا كان نشاطه في المجال الخدماتي)، ستعتبرها المصلحة المعنية ضريبة مهنية أم ضريبة على الدخل أم ضريبة على الخدمات الاجتماعية والجماعية؛ أم مسمى من عشرات مسميات الضرائب الأخرى، المطبقة على الأشخاص والمؤسسات ؟!

من جهة أخرى، وفي ذات السياق (الضريبي)؛ حدد القانون 114 – 13 سقفاً لرقم المعاملات لا ينبغي تجاوزه كشرط للاستفادة من امتيازات نظام المقاول الذاتي، حدده في 500.000 درهم في ما يخص النشاط الصناعي، التجاري أو الحرفي، و 200.000 درهم في ما يخص المجال الخدماتي، بحيث إذا تمّ تجاوز هذا السقف يكون المقاول الذاتي مطالباً بتغيير الإطار القانوني إلى إطار يكون الأقرب لوضعه الجديد (وهو الوضع الذي يدلّ على نجاح المشروع بمعايير السّوق؛ التي تعتمد أساساً على رقم المعاملات كمؤشّر رئيسي) والذي تحدد ضوابطه مدوّنة التجارة، كما يطلب شطب اسمه من سجل المقاول الذاتي.

السؤال المطروح هنا، لنفترض مثلاّ أن المقاول الذاتي بعد مزاولته لنشاطه مدة أربع سنوات، بحيث تجاوز رقم معاملاته السقف المذكور في السنة الرابعة، ثم قام بتحويل الإطار القانوني إلى شركة محدودة المسؤولة ذات شريك وحيد؛ في هذه الحالة هل سيخضع لمراجعة ضريبة لنشاط السنوات الأربع الماضية من قبل مفتشية الضرائب ؟ أم يتمّ تعديل ملفّه الضريبي وفق ما يقتضيه نظامه القانوني الجديد ابتداءً من لحظة تسجيله بالسجل التجاري، وليس قبلها ؟!

( يتبع ..)


  • 11

   نشر في 17 أكتوبر 2015  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

شكرا أخ محمد على المقال المستفيض الجميل بخصوص نظام المقاول الذاتي
و المعلومات التي سردتها من خلاله.
نأمل أن يفيد هذأ النظام الشباب الباحث عن العمل في خلق فرص جديدة و تجربة العمل الحر
مبادرة المقاول الذاتي خطوة مهمة
0
جميل أخي محمد ، المقال جمع بين سلاسة السرد و دقة المعلومة العلمية الصرفة، في انتظار الجزء الثاني إن شاء الله
0
Mohamed Boumediene
مشكور أخي ضياء الحق على الشهادة والتنويه، منكم نتعلّم عزيزي :)
الجزء الثاني قادم خلال الـ 24 ساعة القادمة بحول الله
ضياء الحق الفلوس
إن شاء الله

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !


مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا